القرار الجمهوري الصادر من الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي باعتماد تعز عاصمة ثقافية للجمهورية اليمنية والذي جاء بناءً على مقترح تقدمت به حكومة الوفاق الوطني استقبله أبناء هذه المحافظة بفتور خصوصاً أوساط الشباب الثائر بمختلف مشاربهم الثقافية والسياسية, لا لأنه جاء متأخراً وفي زمن غير الزمن الذي كانت تردد فيه مثل هذه المسميات لسنوات طويلة, بل لأنه جاء في وقت وتعز بصفة خاصة تعيش أوضاعاً استثنائية وفي معترك حاسم بين قوى التغيير والتجديد والمد الثوري المتصاعد, وقوى الموروث الماضوي المعيق لتطلعات وطموحات شعبنا في التغيير والتي دمرت كل البنى التحتية الهامة والخاصة لإقامة عاصمة ثقافية , وبينهما تلعب بعض قوى الشر من خارج المحافظة دوراً شيطانياً للانتقام من “براغلة ولغالغة” الثورة - تسمية أطلقوها على أبناء تعز- وذلك في إشعال الفتنة وتأجيج الصراعات بين أبناء هذه المحافظة التي تشكل القلب النابض للثورة الشبابية الشعبية السلمية على مستوى الوطن, وكما كانت في الماضي حاملة راية الثورة والحرية ضد الإمامة والاستعمار, لأن هؤلاء مؤججي الصراعات يعتقدون واهمين أن بمقدورهم العودة بالوطن إلى الوراء إذا ما تمكنوا من تفتيت وحدة وتلاحم واصطفاف أبناء هذه المحافظة الأبية التي قدمت خيرة شبابها انتصاراً للإرادة اليمنية في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية ومن أجل الوصول إلى يمن جديد ودولة يمنية قوية وعادلة تكفل لكل أبنائها المواطنة المتساوية والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة.. دولة لا يوجد في ظلالها ظالم أو مظلوم كما قال الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي في كثير من المناسبات. في هذا السياق نقول بأن تعز الثقافية سواءً اعتمدت بقرار جمهوري أو لم تعتمد أصبحت بعد أن استعادت روحها في ال 11 من فبراير 2011م ثقافية وطنية ثورية تغييرية تجديدية مناهضة للفساد والتهميش والإقصاء والظلم بكل أشكاله وصوره, ولن يستطيع أيٍ كان ومهما كان تحييد تعز عن المسار الثوري والتغيير أو تدميرها على يد أبنائها لأنهم بتنوعهم السياسي والفكري ومواقفهم النضالية الوطنية الشجاعة, ومعاناتهم القاسية الظالمة التي تجرعوا مرارتها في المراحل السابقة, والتي وصلت خلال فترة النظام السابق إلى تجريدهم من حق المواطنة في أدنى مستوياتها وكانوا عبارة عن شقاة ودافعي ضرائب ومنتهكي الحقوق حيثما كانوا يعملون في أجهزة ومرافق الدولة المدنية والعسكرية أو في القطاع الخاص, وليس تضخيماً أو مزايدة إن قلنا بأن الأوضاع المعيشية الصعبة قد أوصلت العديد من الكوادر من حملة الشهادات العلمية والأدبية المتفوقة إلى العمل في المطاعم والبوفيات والورش, وهذا ليس عيباً, ولكن العيب أن يتبوأ أُميين من أبناء المسئولين والقيادات العسكرية والأمنية مناصب وأعمال في مؤسسات ومرافق الدولة وهم لا يفقهون شيئاً سوى نهب المال العام وتجويع أبناء هذا الوطن.. تعز كانت تنتظر قرارات تعيد لأبنائها المظلومين الاعتبار في المواطنة المتساوية.. تعز كانت تنتظر قراراً وطنياً شجاعاً بالإفراج عن أبنائها المختطفين والمخفيين قسراً منذ 78م وحتى اليوم في غياهب سجون النظام السابق.. تعز تريد الاعتراف بشهدائها في الثورة الشبابية الشعبية السلمية الذين قدموا أرواحهم ودماءهم الزكية الطاهرة في سبيل الخلاص من ظلم وفساد وطغيان نظام رزح على صدور أبناء هذا الوطن على مدى ثلاثة عقود, والذي بفضل تضحياتهم وصل البعض من سارقي الثورة إلى مناصب قيادية لم يكونوا يحلمون بها, وذلك بقرار جمهوري، يعتبر يوم ال 11 من فبراير عيداً وطنياً تكريماً للشهداء الأبرار ولنضالات وتضحيات شباب اليمن في مختلف ساحات وميادين الحرية والتغيير, وعندما تتحدث تعز بهكذا منطق وبهكذا مطلب يجب على صانع القرار الإصغاء والاستجابة لإرادة الشعب في الثورة وتأمين مساراتها, وأن يستفيد من تجارب الماضي سلباً وإيجاباً.. وأن المسئول الحكيم هو الذي يهتم بمطالب الجماهير التي أوصلته إلى كرسي المسئولية الذي إن أحسن استخدامه صنع التاريخ لنفسه ولوطنه وإن أساء فالتاريخ لن يرحم أحد والدروس والعبر أمامنا كثيرة, ولن نذهب بعيداً فقط علينا أن ننظر إلى ما شهدته بعض الدول ومنها بلادنا في ظل مسيرة ثورات الربيع العربي التي لن تتوقف عند بلد معين, بل ستشمل الجميع دون استثناء, ووفق توقيتات زمنية متتالية. وفي هذا المنحى ونحن نتحدث عن تعز, والمقصود هنا ليس تعز مهد الرسوليين والمدينة التاريخية الحضارية التي يطل عليها «جبل صبر» فحسب, بل تعز بخارطتها الملايينية داخل اليمن وخارجه, والتي تقف أمامها اليوم مهمة وطنية عظيمة في مقدمتها إفشال المخطط التآمري التفتيتي القذر الذي أراد من خلاله البعض العودة باليمن إلى الوراء عبر إشعال نيران الفتنة والاقتتال بين أبناء هذه المحافظة وتدميرها ووأد الروح الثورية فيها ليتمكنوا حين ذاك من تدمير اليمن بكامله, والانطلاق صوب استكمال أهداف الثورة الشبابية الشعبية السلمية التي تؤسس اليمن الجديد الذي طالما تطلع إليه اليمانيون وقدموا في سبيله أغلى التضحيات, وذلك من خلال التصعيد الثوري السلمي وعبر الحوار الشامل الذي بدونه وكما قال المناضل الوطني البارز علي ناصر محمد: ستذهب اليمن إلى الفوضى والحرب والدمار والخراب, ولن تبقى الشمال شمالاً ولا الجنوب جنوباً.. وذلك هو ما يجب استيعابه وإدراكه في الحاضر, والعمل من أجل صنع الغد المشرق من خلال النضال السلمي و«ثقافة تعز» التي هي ثقافة كل الشرفاء والمخلصين والثائرين الأحرار في سبيل صنع يمن جديد.. وعلى أبناء تعز العمل بروح الفريق الواحد, وتجاوز كل الصراعات الآنية وتوحيد الصفوف لإسقاط أوهام أصحاب المشاريع الصغيرة ليكونوا دوماً نموذجاً يحظى بحب وتقدير الشعب وأجياله القادمة.!! والله من وراء القصد. رابط المقال على الفيس بوك