حسناً فعل رئيس الجمهورية بإعلان يوم 18 مارس المقبل موعداً لانطلاق الحوار الوطني ،واضعاً بذلك مختلف القوى والنخب أمام واقع لطالما حاول البعض إرباكه وسعى البعض إلى أن لا يكون ، وهناك من سيعمل من الآن فصاعداً على خلق المزيد من العقبات ووضع العديد من العراقيل أمام العربة كي لا نصل إلى ذلك اليوم . الآن وقد أصبحنا على أبواب الحوار ، علينا جميعاً أن نستعد ونتعامل مع الأمر بجدية تامة، كونه أملنا الوحيد وسبيلنا لتجاوز هذا الواقع المرير الذي نعيشه وبناء يمننا الحبيب على أسس جديدة تلبي طموحاتنا في دولة القانون . وكي ينجح هذا الحوار علينا أن نتعامل معه بشكل مختلف وأن ندخل إليه بعقليات منفتحة على كل الرؤى والمشاريع دون شروط أو تعقيدات مسبقة ، وعلينا قبل هذا وذاك أن نقتنع بأننا ندخل هذا الحوار كيمنيين همنا وهدفنا الوحيد هو الصالح الوطني أولاً وأخيراً . ينبغي أن ندرك جميعاً أننا ندخل هذا الحوار كيمنيين مسلمين ، وبالتالي لا ينبغي أن يشغلنا الحديث عن مرجعية الشريعة ، ذلك أن الحوار قائم على أسس وطنية لاعلاقة لها بالإيمان ، نحن نبحث في هذا الحوار شكل الدولة وآليات الحكم والتداول السلمي للسلطة ، كما نبحث أسس بناء دولة القانون التي تكفل الحريات وتصون الحقوق وتحقق العدالة بيننا ، باختصار شديد ينبغي أن يكون معلوماً للجميع أن مرجعياتنا ومنطلقاتنا العقدية كمسلمين ليست محل نقاش وأننا نتحاور على قضايا أخرى غير الإيمان الذي لا يمكن لأحد أن يزايد على أحد فيه .. كما ينبغي علينا أن نتخلص من عقدنا الماضية وأن نتجاوز خلافاتنا السياسية التي يغلب عليها طابع الخصام الشخصي ، علينا ياسادة أن نتجاوز أحقادنا وأن ننطلق إلى الحوار بنفوس صافية منفتحة على الخصوم بنفس انفتاحه على المؤيدين . دعونا ياسادة نتخلص من عقدة النوايا المبطنة ونتحاور بجدية ونناقش بعمق كل الرؤى التي تطرح ، كما طرحها أصحابها ونتجنب الخوض في ماخلف سطور تلك الرؤى .. علينا أن نقبل من الناس مايقولونه وأن لانبحث عن نواياهم المبطنة التي لايعلمها إلا الله سبحانه وتعالى .. أليس من حق بعضنا على بعضنا الآخر أن يقبل كل منا ما يقوله الآخر كما قاله وأن لا يحاول البحث عما ينوي أن يقوله .. أعتقد أن بإمكاننا ذلك إذا ما كانت نوايانا صادقة وإذا ما كنا جادين في إنجاح هذا الحوار. علينا في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخنا أن نعمل على تصفية الأجواء من كل ما من شأنه عرقلة الحوار ، وفي تقديري أنه ينبغي علينا أن نراجع خطاباتنا الإعلامية وأن نقف جميعاً بحزم أمام أداء مؤسساتنا الإعلامية الذي يضر كثيراً بالوطن .. ينبغي أن يتوقف هذا العبث والاسفاف الحاصل في مختلف الوسائل الإعلامية والذي من شأنه إذا ما استمر على ماهو عليه أن يُفشل الحوار . ينبغي أن يتوحد الجهد الإعلامي نحو الهدف الأساسي وهو خلق رأي عام مشجع للحوار ومتمسك به كمخرج وحيد « متاح» .. ذلك أن مايقدمه الإعلام اليمني حالياً مع الاسف لا يخدم إلا المشاريع التدميرية ولا يرضي إلا النفسيات المريضة والمهووسة بالتسلط أو تدمير كل شيء . أعتقد أننا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا بحاجة إلى ميثاق أخلاقي يلزمنا أخلاقياً بالتخلي عن أنانيتنا وعن أحقادنا ومطامعنا الشخصية ، وتقديم مصلحتنا الوطنية على كل الاعتبارات الأخرى ،لأن فشل الحوار لا سمح الله سيكون كارثياً بكل ماتعنيه الكلمة . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك