يقولون إن الصحفي سبب رئيسي لأمراض القلب والسكر ولكل الكوارث التي تحدث ليس فقط في بلادنا بل والمنطقة المحاذية لخط الوسط.. صرخوا بقوة ضد الأقلام السائلة والجافة وحتى أقلام الرسم الملونة ولم تسلم أقلام “الحواجب” “ من هذه الهجمة الشرسة, وعادوا مرة أخرى ليصدروا أحكامهم “البينة”, التي لا تقبل الاستئناف بأن كل الأقلام هي من تعمل وتسعى وتخطط لإثارة الصراعات الطائفية والمناطقية والفئوية والمذهبية والقبلية والغرامية وأحياناً لايتوانون بإلصاق تهمة التنفيذ لشخص في جيبه قلم, لا ننكر هنا وجود بعض تلك الأقلام الرخيصة والغير مهنية للأسف هي التي تحاول تشويه سمعة الصحافة والصحفيين، مرد ذلك ربما للحالة المعيشية, مسكين هذا الصحفي ومسكين ذاك الواقع وما بين هذا وذاك رحلة معاناة لذيذة لا تنتهي وإن انتهى العمر من الصحفي والواقع من الأحداث؟!,كفاكم يا هؤلاء قدحاً لمن تريدون ومتى ما تريدون.. دعونا لأقلامنا الحرة وانتهوا من ممارسة الشد والجذب لكل من ينتمي لمهنة الصحافة ودعوا من ينتمي وهو لا ينتمي إليها, الكل يدرك أن الكتابة لسان حال الضمير وكل ذلك فيض من الخالق عزَّ وجل يهدي بها من أراد ويمنحها لمن أراد ويسلطها على من أراد . كثير منا – نحن معشر الصحفيين – إن لم يكن أغلبنا امتطينا صهوة أقلامنا لنركض بأفكارنا وضمائرنا وعيوننا وقلوبنا على المساحة التي انتزعناها منكم أيها الساسة والقادة، فإذا بتلك المساحة الضيقة المسمى جزافاً بالهامش الديمقراطي تتحول إلى ساحة تزينها الطلاسم والشعوذة التي أجاد ممارستها بعض من أولئك (المحنكين) ممن يؤمنون ويعشقون نظرية :القفز إلى الأعماق ثم لا يتوانون من تسمية أنفسهم أصحاب أقلام حرة وصحفيي اللحظة ليغدوا دون إحراج من أنفسهم ومن الحقيقة يسومون الواقع السياسي والاجتماعي بأنواع العذاب والفرقة بهلوستهم الشيطانية حتى أصبح الواقع بأحداثه أشبه بأمواج بحر هائج لا يدري المواطن أين ستقذف به أمواجه والفضل يعود إلى من يمتهن الصحافة وهي بريئة منه. أما الصحفي ممن يحمل أدوات الصحافة في ذهنيته ويجد من نفسه وضميره الأداة الحقيقية لخلق الوعي في مجتمعه, يتألم لآلامه ويحزن لإحزانه ويبتهج لانتصاره ويؤمن بقضايا أمته - نجده دوماً مغلوباً على أمره ،مرصوداً من غيره مقهوراً ومغموراً من وسيلته ,برغم أن قلمه لا يحط على ورقة دون أن تكون فكرته قد تجردت من كل ما دون الحقيقة وبحثت عن مكامن الخلل واخترقت زوايا الأمكنة المغلقة والمظلمة ليكشف الحقيقة بكل تفاصيلها, فيما تظل أمنيته في العيش الكريم مجرد أمنيات يسبق إليها الموت قبل إن يحصد شيئاً منها!؟ المشكلة المحزنة إن القارئ بات بفضل (أشباح الصحافة ) ينكر الحقيقة ويتماها مع الإثارة والمكايدات بل ويذهب إليهما وهو يدرك مسبقاً أهدافهما ومغزاهما، ولكنه أصبح مدفوعاً إليها بفعل الكم الهائل من الأخبار المفبركة التي اعتاد عليها وبشكل دائم حتى صار إناءاً مثقوباً لا يحتفظ بداخله شيئاً وإن كانت الحقيقة. الصحفيين من أصحاب الأقلام الحرة يظلون يسابقون الزمن علهم يكشفون ممارسات وسلوكيات غير قانونية تسيء إلى الأرض والإنسان فيبدأون بمهمة البحث المتعب والمضني عن المعلومة من مصادرها الحقيقية.. يعشقون السهر ويعشقهم.. يأكلون ويبتسمون وعقولهم في غير أماكنهم تحاول سبر أغوار الحقيقة أو البحث عن مفردة وعبارة تستطيع شد انتباه المسئول أو القارئ، ولكن هيهات أن يتحقق له هدفه وإن ابتكر وسخر أفضل الكلمات والعبارات فلا المسئول يعطيه اهتماماً ولا المواطن يحرك ساكناً ،وكأن شيئاً لم يحدث ,لتصبح تلك الحروف المرسومة على صدر الصحيفة وباطنها ليست سوى حروف وعبارات تفترش المطاعم لترمى إلى حيث تصير المخلفات الإنسانية ودون أن تجد من يعيد إحياؤها أسوة بتلك المخلفات. كثير من الصحفيين ممن يمتلكون جملة من المؤهلات والتجارب والخبرات يشعرون بشديد الإحباط حينما لا يجدون أدنى اهتمام أو تفاعل من المجتمع، مسئولين كانوا أو مواطنين،فالمسئول نجده دوماً يضع أسئلة عن غياب الصحفي الذي يسلط قلمه على مكامن الفساد فيما هو لا يطالع وسيلة ما إلا إذا كان فيها أمر يخصه شخصياً وماعدا ذلك فليس له أي اهتمام وان كان الموضوع المنشور يدور في جانب من جوانب وزارته أو مؤسسته!؟ المشكلة التي يعاني منها الصحفي في اليمن تكمن في غياب الوعي بأهمية الرسالة الصحفية أو الإعلامية بشكل عام لدى صانعي القرار وإن وعوا بأهميتها فإنهم يذهبون بعيداً عن تفاصيلها تاركين ورائهم الغبار “أسئلة لا تنتهي”, طالبنا بإعادة الاعتبار للصحفيين في هذه المرحلة النوعية التي تعيشها بلادنا.. حاولنا أن نجد حلولاً لأنفسنا ولهم ولتحقيق التنمية المستدامة.. فقلنا لهم :لماذا لا تهتموا بالصحافي إن أردتم مساندة منه في كشف الاختلالات وبؤر الفساد..أفسحوا له مكانة في قلوبكم كلما نجح في إنجاز عمل يخدم وطنه.. امنحوه فرصة ليعيش بكرامة وفروا له أبسط مقومات الحياة .. قولوا له أحسنت وجزاك الله خيراً!!. نقول لكم اخرجوا من دوائركم الضيقة التي لا تتسع إلاَّ لأشخاص قلة هم السائرون وحدهم في خطوط العرض والطول وفي السنتر، فيما البقية قلوب تنزف وأقلام تجف ومواقف تشرفهم هم وحدهم, وحياناً نجد عيونهم ترقب ابتسامة منكم لتعلو همتها وتستعيد حياتها الأولى وإن لم فالأخيرة..فنحن لانحزن على شيء تمنيناه ولم يحدث, الألم العميق هو على ما حدث مرة واحدة وما كنا ندري أنه لن يتكرر! رابط المقال على الفيس بوك