كنت حضرت قبل بضعة أيام فعالية نظمتها مؤسسة «وجوه للإعلام والتنمية» بصنعاء حول اختتام مشروع لقاء القيادات الإعلامية وتكريم الفائزين بمشاركات نوعية بعد تقييم مشاركاتهم في فروع الإعلام المختلفة,غير أن ما لفت نظري في سياق الفعالية ما جاء في كلمة وزير الإعلام الأستاذ علي العمراني الذي ساق في كلمته رؤية صريحة وواضحة حول ما قاله صراحة من «إن علينا أن نعترف أن إعلامنا إعلام شحناء وإعلام طائفي». وأن تتحدد جرأة في الطرح من قبل صاحب قرار على رأس منظومة الإعلام الرسمي، فقد كان ذلك موضع انطباع إيجابي لدى كثيرين ممن حضروا وبخاصة في معرض قول وزير الإعلام مؤكداً وموضحاً «إنني أريد أن أقول إن لدينا الآن إعلاماً يموله أشخاص وجهات وهم لا يملكون من الثقافة البناءة سوى القليل,ويريدون أن يكون الخطاب هداماً» وبخاصة وأن الناس والقوى السياسية والأطراف التي تفرز نفسها في المشهد اليمني لا تزال تتموضع في خانة التعطيل وصناعة العراقيل واستفزاز جوهر القضايا الوطنية التي لا بد وأن تحل في إطار القضية الوطنية الكبرى إجمالاً ومن بين هذه القضايا القضية الجنوبية العادلة بالدرجة الأولى وضرورة الاعتراف بحلول منصفة أيضاً لقضية صعدة، بعيداً عن صناعة مزيد من بؤر التوتر خصوصاً واليمن تمر بمرحلة حساسة ولم تعد تقبل أن تبقى مرتهنة لبعض الحسابات السياسية والمصالحجية التي ما زالت تراوح في إحداث بؤر توتر وإذكاء لنزعات العنف والقوة ضد المواطنين بدلاً من نهج الحوار والخيارات المدنية السلمية من أجل استكمال مسئولية، استحقاقات الشعب في مرحلة جديدة لتحقيق دولة التعايش والإخاء، حيث وقضية «الحوارالوطني» كما يقال صار على قاب أسبوعين أو أكثر ببضعة أيام والأمل الذي يعيش به الناس يتوخى أن يكون الحوار الوطني نفسه عضواً في لجنة الحوار . وأجد هنا القول أن وزير الإعلام في فعالية الإعلام وتعزيز المفردة المدنية كان يدرك بأنه في حضوره تلك الفعالية المتعلقة بمشروع تعزيز مفردات المدنية والحوار لوسائل الإعلام المحلية أن يبسط رؤية مكاشفة لنمط جديد من التفكير، كالاعتراف مثلاً بوجود مشكلة في أنماط الإعلام سواء بطابعها الرسمي أو الأهلي, ليكشف عبر كلمته مضامين جديدة يتوخى كثير من الإعلاميين في مختلف الوسائط أن يتم استيعابها كمحددات معيار وطني برؤية تضبط توجيه الخطاب الإعلامي دون أن تثار عبره حساسيات أو تحدث فجوات على نحو طائفي وشحناء حسب تعبير وزير الإعلام الذي سبق وأكد بقوله: إعلامنا إعلام شحناء وطائفي «وأن خطاب الفتنة والمشاحنة لا يبني أمة لأننا صرنا نتبارى ونتنافس بالكلمة السيئة ولا نتجادل بالتي هي أحسن» وعند متابعتي سياق فعاليات من هذا النوع لم أنتبه للشق الوعظي في سمات بعض ما جاء في كلمة وزير الإعلام بقدر ما لفتني في كلمته دلالة «أن تتركز جهود القائمين على وسائل الإعلام في تعزيز مفردات الثقافة المدنية من أجل البناء وليس الهدم» وأن تكون لدينا منظمات ومؤسسات فهذا أول الطريق,من أجل عمل المؤسسات ودولة القانون لا دولة «النخيط» بالإشارة إلى أن على الممولين الذين جمعوا ثروات أغلبها بالبطش أن يكون إعلامهم بناء, وأن يرحم ممولو هذا الإعلام البلاد. وكان سبق لفعالية «وجوه» تبني دورات لقروبات نوعية من الشباب ضمن برنامج مشروع تعزيز مفردات الثقافة المدنية والحوار للعاملين في وسائل الإعلام المحلية.والذي نظمته يوم الثلاثاء مؤسسة «وجوه للإعلام والتنمية» في فندق تاج سبأ تم تكريم الفائزين، وما يشعرك بانطباع فاعليات دورات كتلك هو أنها تتيح فرصاً عبر التنافس ومسابقات المشاركين في مجالات وفروع الإعلام المختلفة غير معنيين بالتدريب، والمحكمون لم تفتهم إبداء ملاحظات حيث - لا يزال - هناك ما يمكن أن نسميه الخوف من الإبداع كما الدكتورة بلقيس علوان. ولعل البرامج المؤسسية التي تستهدف تأهيل قدرات الشباب في اليمن من الجنسين تحتاج إلى مزيد تمحيص معاييرها لتكون أكثر فاعلية ونوعية لجهة معيار الجدوى في مجالات عدة كي تجعل من المنافسات والمشاركات المقدمة في مسابقات بعينها بمستويات قابلة لطرح رؤى حقيقية وبديلة تلامس الحاجة لتأسيس إعلام وطني في أبعاده المختلفة بعيداً عن التأثير السالب للتحيزات أو حسابات المصالح الضيقة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك