(2-2) لا ندري لماذا في هذا البلد التاريخ يكرر نفسه؟! مع أن قانونه في التكرارية لا يكون إلاَّ مأساة وملهاة وعندما تجتمع الاثنتان وتبقى دروسه غير مستوعبة, وتجتمع المأساة والملهاة في وقت واحد على مسرح أحداث أية ثورة يقوم بها ولا فرق بين ما حدث في ثورتي سبتمبر وأكتوبر والوحدة والثورة الشبابية الشعبية السلمية, الإجابة تبدو واضحةً في طبيعة هذا الشعب ووعيه وفي الوجود الجيوسياسي في موقعه ومحيطه الإقليمي,فثورة سبتمبر اكتسبت صيغتها من التفاف غالبية أبناء اليمن حول من قاموا بها من العسكر واستماتتهم وبعد كل التضحيات والشهداء تحولت إلى أزمة بين أطراف من بيدهم حسب تسميتهم لأنفسهم الحل والعقد,وثورة أكتوبر حوصرت دولتها معززة التوجهات الراديكالية السياسية والاقتصادية لتكتسب حالة صراعية بين أطرافها كتجلي لأزمة الحكم, أما الوحدة التي كان يفترض أن تنهي كل الأوضاع السلبية التي عاشها الشمال والجنوب وتتجاوزه إلى بناء يمن موحد وديمقراطي يحقق تطلعات كل اليمنيين من إلتئام لحمة وطنهم كثورة حقيقية هي الأخرى أيضاً تحولت إلى أزمة بين شركاء تحقيقها أنتهت بحرب كان فيها منتصر ومهزوم منهياً ذلك طابعها الوطني التطوري إلى بروز كل الموروث السياسي في تاريخنا المعاصر, وهكذا كان الحال مع ثورة الشباب السلمية التي جاءت كتراكم لأخطاء خمسة عقود سرع من تفجيرها هبوب رياح الربيع العربي لكن القوى السياسية أيضاً حولتها إلى أزمة وحلها يأتي عبر المبادرة الخليجية, ويصبح صناعها الحقيقيين خارج السياق لأنهم أرادوا ثورة وأرادة القوى السياسية أن تعود بالأمور إلى سياق الأزمة التي كانوا عليها قبلها, ومن جديد نعود للحلقة المفرغة التي عودتنا القوى السياسية الدوران فيها ونعجز من جديد في كسرها لنحقق التغيير الذي حلمنا به وتطلعنا إليه - في قيام دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية المدنية الديمقراطية الحديثة- قبل خمسين عاماً, وتتعزز الخشية على ذهاب تضحيات ودماء الشهداء هدراً لننتهي من حيث بدأنا. قد يكون فيما ذهبنا إليه نوعاً من الإحباط والتشاؤم, لكن هذا ليس كل ما نريد التعبير عنه والمتمثل في البحث عن الأسباب والعوامل التي تجعلنا نعود إلى المربع الأول.. صحيح أن المبادرة الخليجية كانت هي الممكن في ظل التعقيدات السياسية والاقتصادية والأمنية وتحديات إفرازات حرب 94م, وحروب صعدة, والفساد الذي أصبح منظومة قيم سادة المجتمع لكنها أيضاً تعبر عن تحولها إلى انحطاط على صعيد ممارسة وسلوك النخب السياسية مع بعض التفاوت, وكان يفترض في الثورة أن تغير هذه المنظومة وتأسس لقيم جديدة لكن هذا لم يحصل, لهذا تطبيق المبادرة الخليجية حقق نجاحات لكنها لا ترقى إلى مستوى الحد الأدنى من التغيير الذي طمح وتطلع إليه الشباب والشعب اليمني ولم تتبدد المخاوف التي جعلت المبادرة الخليجية هي الحل الممكن, وها نحن على رصيف الانتظار لتحقيق التغيير خلال عامين في وضع يشكك الكثيرون في إمكانية خروجنا من الأزمة خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة, وتبقى الأسئلة بدون إجابات إلاًّ باستيقاظ الوعي وبروز قوى سياسية جديدة تتجاوز مشاريع القوى التقليدية التي أجهضت أحلامنا في الماضي وإن لم نستيقظ سيكون واقع حالنا كما كان مع متغيرات بفعل الزمن.!! رابط المقال على الفيس بوك