تبادر إلى ذهني خلال الأسبوع الماضي تساؤل عما إذا كنا بحاجة إلى ترشيد الخطاب السياسي والإعلامي في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها الشعب اليمني وهو يدلف إلى بوابة الحوار الوطني .. أم إن هذا الأمر مجرد تداعيات جراء تفاقم وتوالد الأزمات المعقدة منذ عقود طويلة . أياً كانت الاجابة ، فإن ثمة حاجه مُلحة لأن تتداعى النخب السياسية والحزبية إلى الاصطفاف الوطني وترك مناطق الاحتقان وإغلاق نوافذ التجاذبات وبما يمكن هذه الأطراف جميعها التوصل إلى صيغ مشتركة إزاء إستحقاقات الحاضر والمستقبل ، فضلاً عن أهمية تضافر جهود هذه القوى الوطنية على الساحة لمجابهة تلك الأصوات النشاز والتي تغني خارج سرب الإجماع والوفاق وبالذات تلك التي تدعو إلى الفرقة والشتات وتحث على الاحتراب الأهلي من خلال تصعيد النزعات الفئوية والجهوية والمناطقية . إن مثل هذا التساؤل وغيره من التساؤلات الأخرى عن ماهية هذه الإجراءات الكفيلة بتجاوز تلك التحديات والعمل المثابر في إطار الوفاق الوطني ، حيث لا مناص من الإقرار بأنه لا بديل عن الحوار الوطني، باعتباره الوسيلة الأنجع لحل مختلف مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، خاصة أن هذه العملية الحضارية تحظى بتأييد شعبي ونخبوي من الداخل ودعم غير مسبوق من المحيط الإقليمي والدولي وهو-بالتأكيد–يسهل مهمة المشاركة في هذا الاستحقاق الحضاري الذي تقرر إنعقاده يوم الثامن عشر من مارس الجاري . ولستُ أدعي هنا وصاية على أحد وأنا أشير إلى ضرورة أن تتجنب النخب السياسية مناطق الاحتقان والاحتشاد الجماهيري الذي يساهم في تسميم الأجواء الوفاقية ويتيح هامشاً سلبياً في إطار توسيع شقة هذه التجاذبات والتي تخرج – في أحايين كثيرة – عن سياقاتها الموضوعية والوطنية كما حدث مؤخراً في إفرازات تلك الحشود الجماهيرية ، سواءً تلك التي دعا إليها الحراك أو الإصلاح أو المؤتمر، حيث تبدو الصورة جلية للمتابع الحصيف بأن هناك من يستغل هذه المناخات للعمل على إخراج هذه الحشود عن مساراتها السلمية والدفع بها إلى مناطق الصدام لغايات عديدة تأتي في طليعتها محاولة تعطيل مسار التسوية السياسية والزج بالوطن في أتون صراع داخلي يتيح لبعض القوى الإقليمية بسط سيطرتها عليه لحسابات لم تعد خافية على أحد. ومع الجزم بفداحة هذه التحديات التي تعترض مسارات التسوية ، إلا أن ثمة اعتقاداً آخر يرى بنجاعة الحلول التي تتمثلها قوى المجتمع التي ارتضت المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بأن تضغط في اتجاه ضرورة قبول بقية الأطراف الدخول إلى هذا المعترك الحضاري والتخلي عن خيارات التلويح بمنطق القوة لفرض قناعاتها التي تتعارض مع الإجماع الوطني والاممي تجاه حل القضية اليمنية بالوسائل السلمية المتاحة والعمل الجاد والفاعل في إطار تهيئة المناخات الملائمة للخروج من عنق الأزمة عوضاً عن الذهاب إلى خيارات مريرة ستكبد اليمن والمنطقة في كل الأحوال خسائر مادية ومعنوية فادحة.. فهل نعي خطورة هذا الأمر وهل فعلا ندرك أهمية ابتداع الحلول .. أم إننا سنبقى في دائرة الانتظار والمراوحة حتى تحل الكارثة وتلك مجرد تساؤلات بريئة ونحن نبحث عن الحل. رابط المقال على الفيس بوك