سعدت كثيراً لتعقل الكثيرين من رواد الكلمة الذين يريدون بناء دولة النظام والقانون ولا يبحثون عن الثارات الجاهلية، ولا يقدمون قرباناً لأصحاب المطامع والغايات الحقيرة ولا يؤمنون بالقتل والقتل المضاد، ولا يرغبون في إثارة الفتنة وزرع الأحقاد، ولا يطيقون نبش القبور ولا منح صكوك الغفران، ولا يتملقون لحماية مصلحة خاصة ولا يحتقرون الفكر المستنير، ولا يقبلون بالمناطقية والقروية والمذهبية، وإنما همهم بناء وطن خال من كل أمراض الحقد والكراهية والجهوية والفئوية والمذهبية المثيرة للفتنة. نعم إن العودة إلى جادة الصواب والتخلي عن التمترس خلف الجهلاء وأصحاب المصالح وتجار الحروب وزبانية الفجور ودهاقنة السفور، وصناع الغواية والخضوع، أمر مفرح لكل ذي بصر وبصيرة، وهو دليل على الرغبة الإنسانية في التحرر من العبودية لغير الخالق الرازق الواحد الفرد الصمد الذي لا إله إلا هو رب العالمين الذي بيده الخير كله، ومادام الأمر كله بيد الله سبحانه وتعالى فإن التحرر مما عداه أمر ضروري لإثبات العبودية لله رب العالمين، وقد بات اليوم لازماً التجرد من كل الأهواء المعيقة لتحقيق خير الإنسانية، والإنسان اليمني منذ فجر التاريخ لا يقبل بالعبودية لغير الله الواحد القهار، ولم يقبل بمن يزور الحقيقة ويجعل الغاية الشيطانية تبرر الوسيلة الفاجرة. إن المشهد السياسي الذي اقترب منه المشهد الثقافي الواعي بات اليوم لدى البعض من أولئك الذين اسرفوا في القول والفعل أثناء الأزمة السياسية على مقربة من الصواب عندما نقرأ كلاماً مستنيراً من بعض أولئك الذين أشعلوا فتيل الفوضى التي اعتقدوا بأنها خلاقة فألحقت الدمار بالوطن وقيمه وآدابه ومكارم أخلاق إنسان اليمن وكادت عقول البعض نزول عن الصواب. إن العودة إلى منهج الحوار الذي تنادينا به منذ وقت مبكر بات اليوم ضرورة حياتية لاستمرار الدولة وبناء مقوماتها التي تحول بين طغيان الانتهازيين المنفعيين وجورهم ورغبتهم في استعباد الناس وإذلالهم، ولم يعد اليوم من بدٍّ سوى الالتزام بآداب الحوار والتجرد المطلق من النزاعات الانتقالية والمناطقية والمذهبية من أجل إعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة التي تساوى فيها المواطنون كافة أمام الدستور والقانون وتنتهي فيها العنجهيات الفئوية والمناطقية بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك