البعض ممن هم مصابون بداء التسلط والحكم وفرض أرائهم ومواقفهم على الآخرين أي سلطة «الأنا» ولا يقبلون أحداً يشاركهم الرأي، بل يضيقون من الرأي الآخر مهما كان صائباً.. هؤلاء سواء كانوا أفراداً أو أحزاباً أو جماعات لا يروق لهم سماع كلمة الديمقراطية لأنها تتعارض وشهواتهم الجامحة للتسلط وقد يرون فيها خطراً على مصالحهم الخاصة.. ناسين أو متناسين أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين عصر تكنولوجيا المعلومات والإنترنت وكل أساليب التقنية المعرفية والتي أكسبت الناس الفهم والإدراك وأصبحوا يدركون جيداً مصالحهم بعيداً عن استهبال أو استغفال البعض الذين يريدون بل يحاولون إيقاف عجلة التغيير، وهؤلاء هم القوى المتنفذة والتي ظلت لعقود من الزمن تتمسك بتلابيب السلطة.. أعود لما بدأته في سطوري هذه وهو أن التجارب السابقة في الحكم التي تمثلت في المركزية الشديدة وكان من نتائجها أن تعطلت عملية التنمية والبناء، لأنها كانت مرتبطة بالمركز والذي يديره قلة لا يعترفون إلا بمصالحهم سواء الخاصة أو الحزبية أو القبلية والمناطقية وغير ذلك فأصبحنا ندور في حلقة مفرغة بعيدين كل البعد عن دولة المؤسسات.. الدولة المدنية الحديثة التي لا تقدّس الفرد، بل تعمل من أجل بناء الوطن بكل ما تعنيه الكلمة من شمولية وبما يتفق وروح العصر الذي نعيش فيه، ونتيجة لذلك أوصلتنا الأمور إلى انسداد الأفق وظللنا نعيش في مؤخرة الأمم وأصبحنا منعوتين من أننا ضمن أفقر خمس دول في العالم، بالإضافة إلى أربع دول تقع في غرب أفريقيا، كل هذا سببه المركزية الشديدة في الحكم والتي غيبت دولة المؤسسات.. واليوم وبعد أن دارت عجلة التغيير أصبح اليمنيون يتطلعون إلى الآفاق الرحبة والواسعة في الحياة والتطور من خلال ما سيرسمه مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتحديداً في مسألة صياغة دستور عصري متطور، والذي سيرسم شكل الدولة الجديدة الملبية لهموم وتطلعات كل فئات المجتمع، ولا أجافي الحقيقة إذا قلت إن معظم أبناء شعبنا يتطلعون إلى النظام الفيدرالي، نظام الأقاليم والذي سوف يحسم المشكلة وسيجعل كل إقليم يتحمل مسئوليته بنفسه بعيداً عن وصاية المركز وهيمنته في فرض رؤى وقوانين لا تتناسب مع الأقاليم، فكل إقليم وله خصوصيته التي ستمكنه من وضع الاستراتيجية التي ستخدم أهدافه ومصالحه.. وإذا ما طبقنا نظام الفيدرالية فإننا لن نكون قد ابتدعنا شيئاً جديداً، فهذا معمول به في أرقى دول العالم خصوصاً في أوروبا والولايات المتحدة، وهذا الأسلوب من أنظمة الحكم قد مكّن تلك البلدان من أن تبلغ شأنها في التطور والنماء الاقتصادي والاجتماعي، بل وكل شئون الحياة فيها، إلا أن البعض كما أسلفنا ممن أصابهم داء التسلط وفرض رؤاهم على الآخرين بالقوة أو بغيرها لا يرون لهم ذلك وسيعملون بما استطاعوا على إفشال أي مشروع يؤدي إلى النظام الفيدرالي أو أي نظام يبعدهم عن السيطرة على الآخرين، ولأنهم قد تربوا على غرور «الأنا» ولولاهم لتوقفت حركة الحياة بينما العكس هو الصحيح.. لذا فإننا نتطلع إلى مؤتمر الحوار أن يتمثل إرادة الشعب في هذا الخصوص والذي هو المدخل الحقيقي لصياغة وبناء الدولة العصرية والذي ستنتفي من خلالها أساليب الهيمنة والوصاية التي لم تأت إلا لخراب البلاد والعباد. ومخطئ من يظن أن هذا الشكل من نظام الدولة غير مجدٍ لبلد كاليمن، فهم بهذا الإدعاء يريدون أن يحللوا مواقفهم والتي تخفي في باطنها نزعة التسلط على رقاب الآخرين. شعبنا اليمني قد عانى الكثير من المتاعب بسبب غياب الرؤية الواضحة للحكم، وهنا تقع المسئولية الوطنية الكبرى على كل أعضاء مؤتمر الحوار الوطني أن يرسموا اللوحة الجميلة للدستور والذي سيحدد شكل النظام الذي يتطلع إليه كل أبناء اليمن. رابط المقال على الفيس بوك