عجبي من بلاهات ومزايدات الذين غايتهم تنمية قوى مراكز النفوذ التقليدية عبر تعزيز هيمنة الحكم المركزي رغم معاناة اليمن منها طويلاً. إنهم لا يحبذون الإقرار بحجم مشكلات البلد واستمرار خطورتها بلا حلول حقيقية؛ لأنهم على رأس صنّاعها، كما لا يأملون أصلاً أن ينتهي مؤتمر الحوار بمخرجات لائقة تؤسّس للدولة التي نحلم بها من كافة الجوانب. وهكذا.. يعيقون بناء الدولة والجيش ومجتمع الكرامة والحقوق عيني عينك؛ بينما يتعمّدون هذه الأيام بترويج مخاوفهم المضاعفة من رؤى «الفيدرالية» تحديداً، واضعين على وجوههم المكشوفة كل الأقنعة الوطنية المزيفة التي لا تنطلي على اللبيب، مع أن غايات ومضامين تلك الرؤى توفير صيغة وحدوية لائقة لليمن عبر تحرير غالبية اليمنيين من سلطة وعي تلك القوى التاريخية الاستئثارية والإفسادية المأزومة التي ترفض في الأساس حل القضايا الوطنية العالقة رغم تراكم فاتورتها إلى حد لا يُطاق؛ حتى إن ضغوطهم لا تهدأ من أجل ذلك باعتبارهم مراكز أصيلة لصناعة المشكلات والمظالم في البلد، وهاهم يستمرون في العمل على نشر كل حججهم بزعم الوطنية الملفّقة مجمعين أن الأولوية التي ينبغي الإجماع الوطني حولها الآن في ظل رؤى «الفيدرالية» التي بدأت تطرح هي لبناء الدولة والجيش قبل أي شيء؛ غير أنه التناقض البجح واللا معقول؛ إذ أن مسعاهم الحقيقي يتمثل في استمرار مصالحهم، ومحاولات تكريس بقاء الأوضاع كما هي فقط. والصحيح هو أن مخاوفهم «الفيدرالية» قد تكون موضوعية أحياناً في ظل عدم وجود دولة وجيش نموذجي إلا أنها تنطوي على أنانيتهم وشراهتهم المعروفة التي ستدخل المستقبل اليمني كله في حالة التيه القاصم. وإلا كيف يُعقل قيامهم بالمقابل في محاولات إعاقة هيكلة الجيش المنتظرة حسب عديد مؤشرات أكيدة، كما إعاقت تنفيذ النقاط العشرين المهمة التي من شأنها أن تحل عديد قضايا وطنية شائكة على الأقل، عجبي ثم عجبي..!!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك