تتداخل القضايا وتتشابك الهموم في أروقة الحوار الوطني، الأمر الذي مكّن وسائل الإعلام أن تكشف المكنون الذي يحمله المتحاورون وإلى أي مدى ينشغل المتحاورون بالقضايا الجوهرية والحقيقية التي ينبغي أن يحملها المتحاورون على رأس اهتماماتهم يضعونها على طاولة الحوار الوطني الشامل بروح المسئولية، وأعتقد أن المتابع اليوم بدأ يدرك من الذي يحمل قضية وطنية حقيقية تخدم وحدة الوطن وأمنه واستقراره، ومن الذي يحمل مشاريع وهوية لا تمثل الإرادة الكلية بقدر ما تمثل الأنا الفردية وطغيان المصالح الخاصة، ومن الذي بدا تائهاً لا يعرف من أين يبدأ؟ لقد أشرت منذ وقت طويل للإعداد والتهيئة للحوار الوطني أن المهمة شاقة وتحتاج إلى كل وطني غيور يغلّب مصلحة بناء الدولة اليمنية الواحدة الموحدة على ما عداها من المشاريع، وقلنا أن التفكير في الحوار ينبغي أن ينصب على كيفية البناء والتشييد الذي تتحقق فيه العدالة والمواطنة المتساوية ويسود فيه الدستور والقانون على جميع مكونات الدولة اليمنية البشرية والجغرافية دون استثناء لأحد، أما التمترس خلف الآمال الفردية أو عودة الكوابيس التي عانى منها اليمنيون كافة قبل إعادة وحدة شطري اليمن أو قبل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر عامي 62 1963م فإن ذلك هو الجهل والظلام الذي لن يقبل به يمني حر على الإطلاق، ومن مازال يصر على هذا البؤس والشقاء فإنه لا يمثل اليمن مطلقاً وإنما يمثل الشيطان عدو الإنسانية الذي لا يؤمن إلا بالفتنة والضياع. إن الوقوف أمام قضايا الوطن الجوهرية لا يحتاج إلى شروط تعجيزية ولا تكتلات مشبوهة بقدر ما يحتاج إلى نية صادقة تؤمن بأهمية معالجة القضايا الجوهرية التي كانت سبباً في الاختلاف وعدم الرضا، وليس التفكير في كيف حدثت أو العودة إلى المربع الذي انطلقت منه المشكلة، ولذلك فإن مؤتمر الحوار ما أعدت له العدة وهيئت له الظروف وحشدت له الإمكانات إلا من أجل حل تلك المشكلات بأمانة ومسئولية من خلال وضع الملامح الموضوعية والعملية للمستقبل الذي تتعزز فيه الوحدة الوطنية وتُصان سيادة الدولة اليمنية الواحدة والموحدة والقادرة على حماية كيانها. إن ظهور التمترس خلف قضايا العودة إلى المجهول والطرح المبطن الذي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب لم يعد اليوم متاحاً على الإطلاق وطالما التأم الحوار الوطني فإن مهمته الوطنية والدينية والإنسانية التفكير في الحلول التي تقوي بناء الدولة الواحدة وتمحو آثار الاختلالات وتحقق الإرادة الكلية للشعب التي تنشد المساواة والعدالة وقوة التوحد بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك