قد يبدو طبيعياً الحديث عن الكولسة عندما تكون وسيلة لتحقيق هدف يحقق الارادة الكلية ويجلب الرضا أو القبول على أقل تقدير, وتصبح الكولسة في هذه الحالة مشروعة, لأنها تبحث عن الرضا والقبول الذي يحقق الارادة الكلية للشعب, ولكن عندما تكون الكولسة غاية تبرر الوسيلة فإنها في هذه الحالة لاتعبّر عن الارادة الكلية للشعب وتنتفي عنها المشروعية وتتحول إلى مؤامرة تضر بالبلاد والعباد وتلحق الضرر الماحق بمستقبل الأجيال القادمة. إن عنوان المقال لم يأتِ عبثاً ولا ترفاً ولكن له أبعاده السياسية التي ينبغي الوقوف أمامها بعناية الملتزم بالصدق والمؤمن بالمصلحة الوطنية العليا لليمن التي تضمن مستقبلاً آمناً وموحداً لأجيال اليمن الواحد, وهذا يعني إذا التقت الكولسة مع الفدرلة في الحوار الوطني فإنها ستغير المعنى الكلي للحوار الوطني الذي جاء بإجماع الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي على حماية الوحدة اليمنية وعدم تعريض اليمن الواحد والموحد للانشطار والتشظي, بل اعتبار أن الوحدة اليمنية مصلحة وطنية وإقليمية وعالمية تتحقق في ظلها مصالح الجميع وقدم اليمنيون برهاناً عملياً على ذلك منذ إعادة لحمة اليمن الواحد في 22 مايو 1990م وحتى اليوم. إن الكولسة مع الفدرلة ستضر أجيال اليمن القادمة وتخدم أصحاب المصالح الآنية الضيقة الذين لاينظرون إلا إلى تحت أقدامهم وفق تقديرات أعمارهم لا أقل ولا أكثر من ذلك ولايهمهم مطلقاً مستقبل أجيال اليمن الواحد والموحد, ليس لأنهم لايمتلكون بعداً استراتيجياً بل لأنهم مجرد أدوات تسير من الغير وينفذون رغبات الغير الذين يكنون حقداً دفيناً على يمن الإيمان والحكمة. إن التقاء الكولسة مع الفدرلة مؤامرة بكل ماتعنيه الكلمة ويتحمل مسئوليتها التاريخية كل من يؤمن بهذا المنهج الميكافيللي , وستصبح وصمة عار تاريخية تلاحق أصحابها, ولذلك فإننا نحذّر من المضي في هذا المسلك الذي ينذر بخطر ماحق على اليمن ومستقبل أجياله, وندعو إلى ضرورة التفكير بعمق استراتيجي بعيداً عن المصالح الآنية والذاتية والقبلية والحزبية والمذهبية والمناطقية والقروية, لأن اليمن أعظم من كل الانتماءات, ولا سبيل للتفكير إلا في المستقبل الذي يؤمّن أجيال اليمن ويمكّن اليمنيين من بناء الدولة الواحدة القادرة والمقتدرة بإذن الله.