القرارات وطنية وتنطلق من مسئولية مرحلة خطيرة ومشتبكة العوامل, مرحلة تقتضي اليقظة والحيطة الفنية والوطنية, المرحلة تصنع اليوم بخلفية تضحيات, إذاً, الخيارات بقيت سلمية, وهناك وعي جديد أخذ يتشكل منذ شهور في صورة جدل داخل المعسكرات ,ولعل رهانا وطنيا لدى كثيرين من منتسبي الجيش والأمن غدا علامة إيجابية على إدراك أن من الصعب اليوم الإبقاء على وهم عقيدة ولاءات لأشخاص, لأن طبيعة الاحتقان الذي يترافق مع سياقات تحول ما, يعقبه وعي نقدي غير كسول, وصار على معرفة بأن الشعب اليوم يضعه في محك التقييم والإرادة القابلة للتحول الإيجابي مهما بدأ هذا التحول بطيئا في بعض ملامحه, الوعي صار يتخلق اليوم مثلما بدأ منذ سنتين بكسر حاجز الرهبة أو الخوف المصطنع بالسياسات, وهو الآن بواسطة الإحساس النفسي للأفراد, قد بدأ يتشكل لديه مفهوم جديد للأمن أعني لدى المواطن اليمني كما سبق و لوحظ في الحقيقة على واقع ومعطيات قيام اللجنة العسكرية بمهامها حيث بدأ مزاج جديد وانطباع مختلف يتشكل لمفهوم الأمن النفسي لدى المواطنين وبصورة لا تزال قابلة لتنمية المفهوم في بنية وعي المجتمع كما أخذت تتشكل في انطباعات الأفراد حينها, تأكد ذلك منذ رفع بؤر التوتر والمتاريس في أماكن بعينها قبل عدة شهور, و لوحظت علامات الارتياح النفسية ترتسم بالفعل في وجوه الناس في الأحياء المستهدفة والمارة في الشوارع, وبخاصة منذ أن شرعت لجنة الشئون العسكرية المكلفة بتعزيز الأمن ضمن صلاحياتها بإزالة متاريس الصراع وتمركز المدرعات والآليات والسواتر الترابية وإحداث حالة من التوازنات في دمج بعض الوحدات العسكرية, كما أن إزالة سواتر ورفع الجنود المحسوبين على فصيل صراعات عائلية في عدد من شوارع ومداخل وتقاطعات أحياء بأمانة العاصمة قد أفرز حالة من الارتياح المبدئي لما تصنف كمربعات عسكرية لمراكز قوى وجنرالات وتقاطعات مصالح بسلطة الاستحواذ ولعبة الاستئثار وتحالفات الشخصنة. كان ذلك قد خلق حالة من الارتياب والتوجس لدى المواطنين, مثلما زادهم توترا في مناطق عيشهم وضاعف قلقهم النفسي من تمركزات نماذج وعوامل صراع مبنية كتلك على مصالح وحسابات ضدية وخصومات غالبا ما يكون ضحايا صراعاتها مواطنين بسطاء من الشعب. وهو ما سحب التوتر أيضاً إلى تأثير المحيط النفسي لأفراد الشعب في مختلف محافظات الجمهورية بفعل ما كانت قد أخذت عليه تلك المربعات من تعقيد الوضع وإرباك المشهد بخلفيات متنفذين عسكريين وقادة مناطق, وحيث بقيت حالة كهذه تشكل مصدر قلق ورعب وانقباض لكثير من المواطنين في المجتمع وبخاصة منهم في تلك الأحياء. أخذ حينها القلق والتوتر يتلبس كثيرين شكوا من ذلك ليبقى ملازماً كهاجس قلق لدى الموطنين إجمالا يحلمون بلحظة استقرار وطمأنينة, كحال المواطن اليمني المستمر بينما يحلم بالمواطنة والدولة وكرامة العيش في كل المحافظات. حيث لا يزال المواطنون يعولون على إرساء أسس حقيقة لبناء دولة لا مركزية منسجمة يتعايش مواطنوها مع بعضهم, و يحلمون لا يزالون بمزيد قرارات سيادية وحقيقية من شأنها وإن على خطوات أن تؤسس لاستراتيجية حماية وطنية مستدامة لمقدرات الأرض والإنسان في البحر والبر, والسعي لتوافر أمن وقائي متطور بفاعلية من أجل حماية وصون حريات وحقوق وكرامة الشعب اليمني, ونزولاً عند رغباته في التحول إلى الأفضل وحاجته إلى التنفس وتوافر الهواء النظيف, كما أرادتها فكرة ثورته وتضحياته لتنول استحقاقات بناء إنسانها في الحاضر والمستقبل وإن بصيغ مختلفة للخروج بكلفة أقل. واليوم تتضح صورة تضحيات المجتمع وأفراده في سبيل بناء الدولة لتسطع الفكرة النبيلة كأرضية ومؤسسة لخيارات الشعب في حياة أفضل, ولتقول لكل مكابرات المكابرين, أن أفق الثورة الشعبية السلمية اليوم وكل لحظة يتعزز ليبرز نفسه كسبب جوهري ووطني في انتقال جديد بدلالاته الآخذة صورة الفعل السياسي الموازي لكفاحات الشعب ومعاناته وإن بعوامل ومصالح عدة وتوازنات, لتردم فجوات كان يمكنها أن تتعمق كثيراً. بيد أن فعل الثورة وتضحيات الشباب والضغط وإن بصورة غير مباشرة عبر اشتراطات الإرادة الشعبية لا تزال تؤشر إلى أن خيارات التغيير السلمية يمكنها أيضاً وبأداة وخلفية سياسية أن توجد معادلها الموضوعي بتأثيراتها على المعادلة السياسية الراهنة بصورة أو بأخرى, وبخاصة فيما يتعلق بخطوات فنية كانت ثمراتها قرارات سيادية أملتها إرادة الشعب ,وتؤكد لنا الأيام أنها مطالب وأهداف ما ضحى الناس من أجله ستؤتي أكله وإن في شكل خطوت أو قرارات جمهورية تتصدر تباعا وتتوافق بما تستدعيه مرحلة مختلفة من ردم الفجوات, ووأد القطائع التي مثلت إشكاليات. اليوم إرادة الناس السياسية في اليمن تفكك مركزية الغطرسة وعصبوية تحالفاتها التاريخية التي بقيت محل رهان عوامل جغرافية وسياسية, وتتعزز إرادة الدولة التي يطالب بها الشعب ويقف متناغما على طريق تحقيقها وإن من خلف قرارات من شأنها أن تفرز نفسها اليوم أو غدا عبر تأثيراتها وعواملها الداخلية والخارجية كحالة وطنية تعد بتأسيس ثقافة دستورية جديدة وغير مألوفة في ديباجات ما تكرس طوال أكثر من 33 عاما مضت.! وبصرف النظر عن التصنيفات أو التأويلات المختلفة هنا أو هناك, فقد مهدت عوامل التغيير لثمار ستأتي وتستطيع إرادة تضحيات المجتمع وشبابه ومطالبهم أن تثبت بصلابة في ميادين الفكرة وتحصينها وإسناد الإرادة الوطنية كأرضية لولاها لما تهيأت الظروف أو أمكن زحزحة العصاة وإن بصيغ سياسية شتى، لكن الحالة اليمنية اليوم تتجلى أكثر وضوحاً ربما في استعادة ثقة الثورة كفعل مدني بمصداقية حضوره كما لدى فصيل واسع في المجتمع وبخاصة منه فئات ما وصفت بالصامتة أو المتحفظة ممن رافق مزاجها أحوال وشواهد وتقاطعات لقوى بعينها مع الثورة, ومن هنا فثقة هذه الفئة الصامتة تتعزز اليوم بحجم وتأثيرات الفكرة نفسها التي سبقت التسوية السياسية لتمثل خطوات اخضرار القادم كما تتبدى عبر خيارات الخروج السلمي من مآزق وأنفاق مظلمة وقطائع مزمنة طالما صنعتها وظلت تصنعها غالبا معادلة المصالح برافعة السياسة وحسابات مراكز القوى في المعسكرين. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك