أجمع المؤرخون على أن انهيار الحضارات البشرية ليس محكوماً بالزلازل والكوارث الطبيعية فقط ، بل إن هذه الكوارث الطبيعية تمثل استثناء في معادلة الانهيار ، فأغلب الحضارات البشرية انهارت بفعل الإنسان وانجرافه نحو الحروب المدمرة، واستمرائه الطمع الشديد والاستباحة المجانية لأبناء جلدته . وقد صدق عالم الانتربولوجيا وتاريخ الحضارات الذي قال عن الإنسان بأنه الكائن الوحيد الذي يبيد نوعه . والشاهد أن الوحشية البشرية لا حدود لها ، وتفنن البشر في تعذيب وقتل نوعهم أمر يتجاوز حدود الخيال. لقد احتار علماءٍ التاريخ في أمر الحروب الشاملة التي تتجاوز حدود السبب والمسبب لتصبح نمط حياة وثقافة عنف مستطير، وقد لوحظ هذا الأمر في الحروب البينية، كما في الحروب الأهلية الداخلية . وفي كلتا الحالتين كانت تلك الحروب سبباً لدمار شامل ، بل اختفاء لحضارات كبيرة وممتدة .. سرعان ما خبت وتلاشت وكأنها لم تكن . لعل أقدم مثلين معروفين تاريخياً يتمثلان في حضارتي اليونان بأوروبا، والمايان في أمريكا اللاتينية . هاتان الحضارتان أنجزتا صروحا ًوقيماً ونمط حياة عامر بالعطاء والابتكار .. لكنهما انهارتا بفعل البشر وحروبهم الطاحنة التي لم تبقَ منهما سوى الطلول التي تحكي عن مآثرهما الخابية . تلك الحضارات التي تلاشت بقوة السيف والرمح والأقواس نجد مقابلها الأكثر شراسة ووحشية في أحوالنا المعاصرة وجيوشنا المدججة بأسلحة الدمار الشامل .. أياً كان اسمها ورسمها ، ومن هنا يمكننا ملاحظة ما يمكن أن تؤول إليه الأحوال حالما تنشب الحروب . على ذوي الرؤوس الساخنة استيعاب الحقيقة . إن حرباً معلنة في أي بلد سيعني انتهاء الجميع ، والعودة مئات السنين إلى الوراء ، ولنا في الصومال وأفغانستان والعراق وسوريا خير عبر لمن يريد الاعتبار. قال حكيم العرب زهير بن أبي سلمى: وما الحرب إلا معالمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم [email protected] رابط المقال على الفيس بوك