الفرق هائل بين الذين يقتلون وينشرون الموت وبين الذين يصنعون أدوات هذا الموت .. فإذا كان الحدّاد يصنع سيفاً ورمحاً فإن صانع الموت اليوم يصنع ما يتجاوز حدود الخيال .. عندما كانت البشرية تتقاتل بالسيوف والرماح كانت أخلاق الفروسية ومنطق الحرب أفضل بما لا يقاس مما يجري اليوم؛ حيث تنعدم المقارنات وتختفي الساحات وتصبح الأعداد الغفيرة من الناس مجرد رقم يمكن مسحه ببضع صواريخ وقاصفات استراتيجية .. هكذا استمرأ صانعو الموت معادلة الشر المستطير.. ولقد انفتحت لهم الآفاق حتى استخدموا السلاح الذري في الحرب العالمية الثانية، أما الأسلحة العنقودية وغيرها فليست سوى أسلحة مشروعة تُستخدم صباح مساء عند اندلاع أية حرب محدودة .. لم يكن صُنّاع الموت يدركون أن ما فعلوه سيرتد عليهم وأنهم إن نجحوا مرة واثنتين في تحييد من لا يملك أحدث الأسلحة فإنهم لن يستطيعوا فعل ذلك دوماً وأبداً.. فتكنولوجيا المعلومات والمختبرات العلمية والعلماء الأفذاذ لم يعودوا حكراً على قوم أو سلالة .. وما نعرفه من أسلحة دمار شامل ليس إلا أقل القليل مما ستُفاجئنا به الأيام .. وكما أنهم تكتّموا على القنبلة الذرية في ثلاثينيات القرن المنصرم، وتكتّموا لاحقاً على القنبلة النيوترونية فالاندماجية قد يتكتّمون الآن على ماهو أخطر وأسوأ .. قرأت قبل سنوات أن الروس والأمريكان تمكّنوا من تطوير سلاح رهيب يدمّر الإنسان بواسطة الصوت!! واعتمدوا في ذلك على دراسة التردّدات التي تصل إلى الإنسان دون أن تُحدث تلفاً في دماغه.. وقد قيست هذه التردّدات مابين 16 إلى 2000 هرتز .. هذه الحقيقة البسيطة كانت المنطلق للاختراع الرهيب حيث يمكن صعق الإنسان وقتله في الساعة والحين بواسطة صوت تصل قوة تردده دون السمعي إلى (190 ديسمبيلا) وهذه وحدة قياس تتجاوز بمراحل قابلية الإنسان لتمثّلها عبر الدماغ، الأمر الذي يؤدي إلى تسارع شيخوخة الدماغ وانتهاء فاعليته في ثوانٍ معدودة!!. تلك صناعة أخرى للموت يبتكرها الإنسان ويتوهّم أنه قادر على السيطرة عليها، فإذا بها تنقلب عليه وتصعقه كما فعل مع حيوانات المختبرات وفي الحروب .. ولايبدو في الأفق أن المتوالية الجهنمية في تناقص أو أنها قابلة لمحاصرة حقيقية، وهذا ماعبّر عنه في لحظة جزع ومكاشفة للحقيقة السيد البرادعي، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ، حينما أشار إلى صعوبة محاصرة أسلحة الدمار الشامل وقابلية وصولها إلى أيدٍ مجنونة .. ذات الكلام ردّده الجنرال الروسي ليبيد قبل موته في حادث الطائرة وفي إشارات متكرّرة للحقائب النووية التي اختفت من ترسانة الجيش الروسي .. لكنّ كلامه ذهب أدراج الرياح ..فقد تعمّدت موسكو وواشنطن تجاهل الأمر، ربما لأسباب سيكولوجية ورغبة في عدم إشعار العالم بالرعب المدفون في تلك الحقائب النووية المزعومة.. هل كان ليبيد صادقاً أم أنه كان يمارس ضرباً من المناورة السياسية الخطيرة؟ هذا ما لا يمكن الإجابة عنه بجزم .. غير أن المؤكد يتمثّل في صناعة الموت التي استمرت بوتائر صاعدة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك