التباعد والتنافر الذي ساد خلال هذه الفترة زاد من حدة الخلافات وباعد بين وجهات النظر وعمق الفرقة، الأمر الذي جعل عامة الناس لايرون غير البغض والكره في المجتمع، ورغم استفحال هذه الظاهرة في المجتمع لم أر النخب السياسية والاجتماعية تقوم بدور التوعية المعرفية لإزالة الفهم الذي تولد خلال الأزمة السياسية الطاحنة، بل العكس ربما بعض النخب تقوم بدور سلبي في تغذية الكره والحقد. إن اعادة الحياة إلى رونقها وصفاتها يحتاج إلى النوايا الانسانية الحسنة الخالية من كل الاحقاد والضغائن لممارسة الفعل الحسن الذي ينسجم مع مكارم الأخلاق، ولذلك فإن مرحلة الحوار الوطني الشامل تحتاج إلى الحوار على مستوى كل بيت لإزالة السحابة القاتمة التي جثمت على صدور الناس نتيجة للتعبئة الفكرية العدوانية التي مورست خلال الأزمة السياسية، والبعد عن كل ما يمكن أن يؤجج الفتنة ويثير الآخر أو ينتقص منه. إن الأحزاب والتنظيمات السياسية معنية بهذا الدور الانساني من أجل خلق الوئام والانسجام الاجتماعي ومحو آثار الفتنة التي كانت نائمة، ويأتي دور حملة الأقلام في استخدام الكلمة الأمينة والصادقة في سبيل التقريب بين وجهات النظر بدلاً من الإثارة ونبش الماضي وانكاء الجروح التي تخلق المزيد من العدوان والحساسيات وإذا لم يجد حملة الأقلام مايقولونه في هذا الاتجاه الانساني فإن عليهم أن يصمتوا ويكفوا عن المناكفات العدوانية، وإلا فإنهم بذلك القول الآثم المثير للفتنة إنما يشعلون نار الفتنة التي لاتشرف أحداً على الاطلاق. إن وسائل الاعلام وخصوصاً الرسمية تتحمل المسئولية الكبرى في هذا الاتجاه، ولايجوز بأي حال من الأحوال الاستمرار في صناعة المماحكة والميل إلى تغذية نار الفتنة من خلال التناولات غير السليمة التي تظهر بها وسائل الاعلام، وبات اليوم السكوت على ذلك باطلاً وعلى العقلاء والحكماء منع ذلك خدمة للدين والوطن والانسانية، لأن المرحلة الراهنة تحتاج إلى الكلمة المضمدة للجراح والمانعة للاختلاف بإذن الله.