اليوم ونحن نتذكر البلايا التي ترافقت مع وحدة مايو الظالمة، نتساءل : كيف يمكننا الارتقاء إلى مستوى الوحدة بوصفها قيمة مادية وروحية تتناسب مع اليمن الكبير الواسع؟، وهل يمكننا الارتقاء إلى معنى الوحدة في الوقت الذي تستمر فيه كامل الانتهاكات الماثلة لأبسط قيم الحياة؟ وكيف لنا أن ننعتق من رزايا الماضي القريب، والبعض يصر على استمرار النموذج القائم الذي كان ومازال سبباً فيما نحن عليه؟. رؤيتي أن الذهاب إلى يمن واحد في نظامين قد يكون المخرج المشرف والمنطقي من هذه الحالة، ذلك أننا بهذا الخيار سنحقق ما كنا نتوق إليه، ونستعيد الدولة المنهوبة، ونخلق المقدمات الضرورية لمظلة ضمان وطني تسمح للجميع بالمشاركة، ونحقق جوهر المواطنة القانونية، في بلد موحد ومتعدد في آن.. لكن استيعاب الفكرة وأبعادها تتطلب همماً عظيمة، وروحاً مفتوحة، وعقولاً رائية. إنها إرادة النخب السياسية العالمة بالحال والمآل، فالفرق بين النخب وعامة الناس نسبي، وحتى إذا افترضنا أن النخبة تتميز بالثقافة العالمة، فإن من يمكن أن يلتحقوا بعامة الناس لهم الحظ الكافي من تلك الثقافة، وتبعاً لذلك تصبح ميزة كل طرف من الطرفين الافتراضيين ميزة نسبية بكل ما في الكلمة من معنى, لكنني هنا بصدد الحديث عن النخبة المسؤولة في ظل أوضاع استثنائية، مما يقتضي أن تكون ذات همة ونظر مترافقين مع التحديات الماثلة، وخاصة تلك التي لا تقبل التأجيل والتمديد واللزوجة. ولعل أخطر ما تواجهه الدولة اليمنية المخطوفة رغماً عنها يتمثل في عنجهية بعض الذين يناجزون المؤسسة، ويستفزون مشاعر الأمة بأعمالهم غير المقبولة عقلاً ومنطقاً وخًلقاً وقانوناً وعرفاً، فمن كانت لديه شكوى أو يزعم بأنه متضرر له أن يلجأ إلى الطرق الشرعية في متابعة مظلمته .. أما أن يبرر سلوكه المشين ضد كل الناس بكونه صاحب مظلمة، فذلك أمر يشي بما وراء الآكام والهضاب من تدابير تتوخَّى تدمير الوفاق الوطني الذي قد يفتح باباً مؤكداً لمستقبل مشرق. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك