اعتماد مبدأ الشفافية والوضوح بما تعنيه من نشر المعلومات والبيانات الحكومية والحرص على تدفقها وعلانية تداولها عبر مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة يعتبر عنصراً إيجابياً ورئيساً في مكافحة مختلف أشكال الفساد وتحقيق التواصل بين المواطنين والمسئولين بما يسهم في تطويق ومحاصرة الفساد واجتثاث جذوره. حيث إن التمسك بالشفافية يقلل من قوع الأزمات الاقتصادية ويساعد بدرجة كبيرة على معالجة القضايا قبل وقوعها وقبل استفحالها واتساع مداها فالشفافية تضمن التدفق والتبادل الحر للمعلومات بحيث تكون المؤسسات ومعاملاتها وحساباتها متاحة بصورة مباشرة لذوي الشأن مما يؤدي إلى توفير معلومات كافية وشاملة عن أداء المؤسسات العامة والخاصة كي يمكن متابعتها ومراقبتها ولا يمكن توجد مساءلة في غياب الشفافية ومالم يكن هناك مساءلة فلن يكون للشفافية أية قيمة حيث يسهم وجود هاتين الحالتين معاً في قيام إدارة فعالة وكفؤة ومنصفة على صعيد المؤسسات العامة والخاصة. ولأن المحاسبة تعني خضوع الأشخاص الذين يتولون المناصب العامة للمساءلة القانونية والإدارية والأخلاقية عن أعمالهم من قبل الأجهزة الرقابية والأجهزة ذات التخصص والعلاقة ما يعني مطابقة تصرفات المسئولين والأفراد مع بنود القانون الذي ينظم الأعمال التي يقومون بها وهو ما يستوجب في حالة ثبت وجود تجاوز للقانون محاسبتهم وفق ما ينص عليه القانون لدى الجهات القضائية. وهذا يعني ضرورة توفير الإحصاءات والبيانات والمعلومات في أجواء شفافة دون معوقات وتيسير إجراءات الحصول عليها لأن أي تعويق أو تلكؤ في هذا الشأن سيحول حتماً من إجراءات المساءلة والمحاسبة ومن إمكانيات الكشف عن مكامن الخلل والتجاوزات. ولذلك فإن تعزيز الشفافية وسياسة الإفصاح عن المعلومات سيساعد على رفع مستوى الوعي والمشاركة في الشأن العام وفي رسم السياسات التنموية واتخاذ القرارات كذلك تعمل الشفافية على جعل الحكومة وأجهزتها تحت المجهر وبالتالي سيسهم ذلك في صيانة المال العام وحقوق المواطن عن طريق كشف المخالفات ووقائع الفساد وإحالتها إلى قنوات المساءلة والمحاسبة وهو ما يكرس احترام الدولة لواجباتها تجاه الأملاك العامة والحقوق العامة للمواطن. ولن يكون ذلك إلا من خلال الأجهزة الرقابية والتي تعتبر أجهزة دستورية أولاً كما أنها ثانياً أجهزة متخصصة ومهمتها الأساسية المحافظة على المال العام وضمان حسن استخدامه والارتقاء بالأداء الحكومي بما يخدم عملية التنمية الشاملة ويحقق المصلحة العامة. وبما أن المساءلة والمحاسبة يشكلان ركيزة أساسية لتفعيل الرقابة فلا رقابة دون مساءلة ومحاسبة حقيقية للمسئولين على اختلاف مستوياتهم دون تمييز لمناصبهم وهو ما يسهم بشكل فاعل في مكافحة الفساد وتدعيم الشفافية والسيطرة وفق معايير الحكم الصالح والرشيد وكما أن الشفافية عنصر رئيسي من عناصر القضاء على البيروقراطية المالية لأنها تجعل جميع الحسابات العامة وتقارير مدققي الحسابات متاحة للفحص العمومي الدقيق. رابط المقال على الفيس بوك