الظلام الدامس الذي نعيشه هذه الأيام بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن مدننا لساعات طويلة، عاد بذاكرتي إلى الأيام الأولى لتولّي العميد صالح سميع وزارة الكهرباء قبل أكثر من عامين؛ يومها خرج العميد سميع ليعلن على الملأ وبكل ثقة أن زمن الاستهتار والتسيُّب والعبث بالمال العام قد رحل برحيل نظام علي عبدالله صالح، وتعهّد أنه سوف يحل مشكلة الانطفاءات خلال ثلاثة أشهر كحد أقصى، وقال أيضاً إننا نمتلك الإرادة والقوة لإصلاح الاختلالات ولدينا البدائل المناسبة لجعل الانطفاءات جزءاً من الماضي. والوزير سميع تعهد أيضاً بوضع حدٍّ للاعتداءات التي تتعرّض لها خطوط نقل الطاقة، وأنه لن يتردد أبداً في تقديم استقالته إذا فشل في تحسين أوضاع الكهرباء. يومها كان الوزير سميع يتكلم وبكل ثقة لدرجة جعلتنا نصدق كل ما قاله بما في ذلك حديث الاستقالة، ومرّت سنة وراء سنة ومشكلة الكهرباء تتفاقم باستمرار والوضع ينتقل من سيئ إلى أسوأ؛ حتى إننا لم نعد نرى الكهرباء غير ساعة أو ساعتين، والوزير سميع لم يفِ بوعده ولم يكن عند كلمته ويقدّم استقالته كما قال ذات يوم، فما الذي حقّقه سميع، وأين هي البدائل التي تحدّث عنها؟!. أكيد لا شيء، وقريباً جداً سيعلن عن «يمن بلا كهرباء» وسيكون هذا هو الإنجاز الوحيد الذي حقّقته حكومة الوفاق الوطني ولمسه المواطن على أرض الواقع. نعم أيها السادة.. إن الحديث عن المنجزات شيء، وتحقيقها فعلاً شيء آخر، وهنا لا أرى أي إنجاز للوزير سميع في ما يتعلق بالكهرباء، فقبل وصول الوزير سميع كان الوضع أفضل بكثير مما هو عليه الآن، وهذه حقيقة يعرفها الجميع، فكل ما يعني المواطن هو توفير الخدمات ولا علاقة له بأسباب تدهور خدمة الكهرباء وارتفاع وتيرة الاعتداءات عليها أو من يقف وراءها، فهذا الأمر يخص الحكومة وهي المسؤولة عنه، وهي الحكومة نفسها المسؤولة عن توفير الخدمة للمواطن وتأمين وصولها إليه ، خصوصاً أنه يدفع مقابل حصوله على هذه الخدمة حتى وإن لم يحصل عليها كما هو الآن مع الكهرباء؛ فواتير لا تنقطع مقابل كهرباء غير موجودة. ولأن حكومة الوفاق هي المسؤولة عن إدارة شؤون البلاد فعليها تقع مسؤولية توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها من أمن وكهرباء وغيره، وعلى وزرائها أن يثبتوا أنهم الأفضل، وألا تقتصر إنجازاتهم على انتقاد من سبقوهم من الوزراء. والأهم من هذا كله أن على الحكومة أن تصغي جيداً إلى مطالب المواطنين، وتلتفت إلى همومهم، وتشغل نفسها بمعاناتهم قدر انشغالها بالتقاسم والمماحكات الحزبية وتبادل الاتهامات. وأخيراً.. من حقنا أن نتساءل: إن كانت محطة مأرب الغازية تشكل 350 ميجاوات من إجمالي الطاقة المتوافرة والبالغ 950 ميجاوات، فأين بقية الطاقة، وكيف يتم توزيعها، وأين هي الطاقة التي تم شراؤها والمولّدات الإسعافية، إذا كان خروج محطة مأرب يسبّب كل هذا العجز، أم أن القضية أكبر من ذلك، وقليلاً من الحياء والخجل يا سميع؟!. رابط المقال على الفيس بوك