الكل يزعم أنه يدعم الأخ رئيس الجمهورية، والكل يؤكد أنه حريص على نجاح مؤتمر الحوار الوطني، والكل يبدي حرصاً على التمسك بمرجعية المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية باستثناء غير الموقعين عليها. وجميع الموقعين على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والمشاركين في حكومة الوفاق الوطني، لا يحترمون التزاماتهم ولا يحترمون شراكتهم في السلطة إذا نظرنا لخطاباتهم الإعلامية ومواقفهم السياسية المستفزة والمسيئة للآخر الهادفة عرقلة التسوية السياسية؟ أقول ذلك وأقصد به أن الامتحان الحقيقي لدعم التسوية السياسية قولاً وفعلاً وليس مجرد كلام يستوجب أن تضع الحرب الإعلامية أوزارها وستبدل خطاباتها ومواقفها الاتهامية والمستفزة بخطابات ومواقف مسئولة وهادئة وحريصة على إشاعة قيم التسامح والتصالح والرغبة المشتركة على مغادرة الماضي وعدم الانشغال يما ينطوي عليه من السلبيات والأحقاد والنزعات الثأرية والانتقامية والانشغال بقضايا الحاضر والمستقبل المجسدة لواقع الشراكة الوطنية بالسلطة والثروة على قاعدة ما سوف يخرج به مؤتمر الحوار الوطني من مرجعية دستورية وقانونية لبناء الدولة المدنية الحديث ونظام الحكم الرشيد دولة المواطنة المتساوية وسيادة القانون الدولة الاتحادية الديمقراطية والعدل الاجتماعي التي تقوم على التعدد والتنوع في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تعددية في الأقاليم وتعددية في الحكومات الإقليمية وتعددية في الأحزاب والتنظيمات والمنظمات السياسية والحزبية والنقابية والمهنية والإبداعية والإنتاجية، وتعددية في القطاعات الاقتصادية الخاصة والعامة والتعاونية والمختلطة المتنافسة على النجاح من الحرية الاقتصادية وآلية السوق والكفاءة في الإنتاج والعدالة في التوزيع، والوحدة اليمنية في أجواء آمنة ومستقرة.. أقول ذلك واقترح على جميع الأحزاب والتكوينات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني اتخاذ قرارين ملزمين من منطلق الحرص على توفير اجواء المناسبة لنجاح التسوية السياسية. القرار الأول التهدئة الإعلامية الملزمة لجميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة الرسمية والحزبية والخاصة. القرار الثاني إيقاف حكومة الوفاق الوطني من القيام بأي تعيينات حزبية غير دستورية وغير قانونية خلال ما تبقى من الفترة الانتقالية الثانية تهدف إلى حماية الجهازين الإداري والمالي بصورة تتنافى مع قانون التدوير الوظيفي ومع قانون الخدمة المدنية الذي يحصر التدوير في نطاق الوزارات والمؤسسات العامة للدولة والقطاعات الاقتصادية العامة والخاصة والمختلطة ويحصر التداول السياسي في نطاق الوزراء ونوابهم ويخضع الوظائف الفنية في نطاق الوكلاء والوكلاء المساعدين والمدراء العموم كوظائف تخضع للكفاءة العلمية وللخبرة العملية وللسلوك المعبر عن الإخلاص والسلوك وحسن الاستقامة والابتعاد عن شبهات الفساد المالي والإداري الذي يصعب اجتثاثه. حتى يجد الوزراء في انشغال القيادة السياسية بمؤتمر الحوار الوطني فرصة لتمرير القرارات الحزبية والأسرية والقبلية والشللية التي تضيف فساداً إلى فساد. هذان القراران من الضرورات التي لها علاقة وطيدة في تهيئة الأجواء الحوارية المساعدة على تحقيق قدر معقول من الوفاق والاتفاق السياسي المطلوب. أقول ذلك وأقصد به ما يحدث خارج نطاق مؤتمر الحوار الوطني في الأجواء المشحونة بالتوتر والقلق الناتج عن عودة المساحات بزخم جماهيري أقل يخلق لدى البعض الآخر من التكوينات الحوارية المستهدفة سلسلة كبيرة من المخاوف تدفعها إلى البحث عن حماية من خلال حشد ما لديها من الاتباع والأنصار، لأن الإقصاء والإلغاء المستند إلى خطابات سياسية وإعلامية ثورية ملتهبة تعيد الأزمة إلى المربع الذي انطلقت منه خوفاً من العواقب الوخيمة للانشغال بأمور حوارية لا يتوفر لها قدر من الضمانات الموضوعية الكفيلة بإخراج البلد من شبح الصراعات والحروب الكامنة خلف الخطابات والمواقف والإقصاءات الثورية. أقول ذلك من الرغبة في تجنيب الوطن والمواطن اليمني من مغبة ما تخفيه الحروب الدعائية والممارسات الإقصائية من عواقب وخيمة تتجاوز الأطراف السياسية المتصارعة والمتشاكلة إلى الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الذين لا ناقة لهم ولا جمل في مثل هذه الصراعات والحروب لأن التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة والمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني معناه القبول الضمني بنسيان ما حدث في الماضي من نزاعات وما خلفته الخصومات ومن تراكمات يستدل منها على القبول بالتسامح والتعايش والابتعاد عن الثارات والأحقاد القديمة والاستعداد المسبق للتصالح من اللحظة التي اتفقنا فيها على الاحتكام للحوار في البحث المجرد عما نحن بحاجة إليه من الحلول والمرجعيات الدستورية والقانونية لما حدث في الماضي من مشكلات. حلول ديمقراطية يقبل بها الجميع ويقبل بها الشعب تعكس ما توافقنا عليه من أفكار جماعية من أجل تسوية سياسية يشارك فيها الجميع ويقبل الجميع بالاحتكام إليها في منافساتهم وعلاقاتهم المستقبلية لا مجال فيها لصراعات الفعل ورد الفعل ولا ينتج عنها ثائر ورجعي ولا منتصر ولا مهزوم ولا ظالم ومظلوم تعيد الثقة والاعتبار للثورة والوحدة والديمقراطية والعدالة وهذه حقيقة أفصح عنها وتحدث بها صراحة الأخ رئيس الجمهورية الذي توافقنا على انتخابه بقوله أنه لا بديل أمام المتحاورين سوى النجاح المستند إلى إرادة شعبية وإرادة دولية. الأمر الذي يحتم على جميع الأحزاب والتنظيمات والمنظمات والتكوينات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني مراجعة خطاباتهم وممارساتهم ومواقفهم الخاطئة في تعاملهم مع ما لديهم من الحقوق والحريات والوسائل الإعلامية الرسمية والحزبية والأهلية المرئية والمقروءة والمسموعة وحسن استخدام ما يخوله لهم الدستور والقانون من سلطات وصلاحيات في حسن إدارتهم للوزارات التي خصصت لأحزابهم بما لا يشعر طرف أنه في موقع النوة ويشعر الطرف الآخر أنه في موقع الضعف. لأن الشراكة في السلطة والشراكة في الثورة سوف تشعر الجميع بما هم بحاجة إليه من الثقة وهم بصدد البحث عن اليمن الجديد والحكم الديمقراطي الرشيد والدولة اليمنية الحديثة. أخلص من ذلك إلى القول بأن التهدئة الإعلامية والتهدئة السياسية والاحتكام إلى ما هو نافذ من مرجعيات دستورية وقانونية ومؤسساتية ضرورة من الضرورات المساعدة على نجاح العملية الحوارية والتسوية السياسية هو ما يريده الأخ رئيس الجمهورية من الجميع. رابط المقال على الفيس بوك