ما من بلد في هذا العالم الواسع نما وتطور ووصل إلى مراحل متقدمة من النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل وفي كل مناحي الحياة المختلفة إلا وكانت الشفافية والمصداقية والاعتراف بالخطأ السبيل إلى ذلك النجاح فالاعتراف بالخطأ والعمل على تصحيحه هو سر نهوض أي بلد من البلدان، أما البلدان التي مازالت تعيش في قعر الوادي وتدس رأسها في الرمال وتصر على المكابرة من خلال عدم اعترافها بالخطأ ظلت مثل هذه البلدان تعيش كل حالات التخلف والفقر لأنها لم تكن قادرة على استيعاب متطلبات النجاح من المصداقية والاعتراف بالخطأ ليكون منطلقاً صوب مرحلة جديدة من النجاح في كل مرافق الحياة المختلفة ولنضرب مثلاً لذلك والذي ينطبق على واقع بلداننا العربية دون استثناء فليس هناك من دولة عربية وصلت إلى ما يطمح إليه شعبها فظلت حركة النشاط الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ضعيفة ومتخلفة ولم تستطع مواكبة تطورات العصر والسبب في ذلك هو مكابرة أنظمتها السياسية بعدم اعترافها بأي قصور أو أخطاء رافقت مسيرة هذا النظام أو ذاك وظل قادة هذه الأنظمة يعتمدون على المنافقين والمطبلين والذين يبتغون من رواء ذلك مصالح خاصة فظلوا يرددون أمام قادة هذه الأنظمة بأن كل شيء تمام يا فندم وظلت قيادة أنظمتنا العربية السابقة كما النعام تدس رؤوسها في الرمال حتى لا ترى ولا تصدق بأن هناك أخطاء وهناك فقراً وظلماً وتخلفاً يسود شعوبهم بالرغم أن الكثير منهم يدرك ذلك جيداً ولكنهم لا يريدوا أن يعترفوا بذلك لأنهم قد تشربوا كؤوس الخطأ منذ أن وصلوا إلى كراسي السلطة فكان شعارهم أنا وبعدي الطوفان بالرغم من القسم الذي أدوه عند تسلمهم السلطة في بلدانهم ولهذا الوضع المأساوي الذي عاشه العرب والمتمثل في التخلف بكل معانيه وصوره يؤكد أننا لازلنا بعيدين عن الشفافية والمصداقية وبعيدين عن المصارحة، ولنضع هنا مقارنة بين واقعنا العربي وواقع الصين الذي يبلغ عدد سكانها ما يقرب من مليار وثلاثمائة مليون نسمة والأسباب الذي جعلت من هذا البلد العظيم يصل إلى ما وصل إليه من طفرة اقتصادية واجتماعية وثقافية غزت منتجاتها الصناعية والزراعية ثلثي الكرة الأرضية فكان سبب ذلك النجاح الذي أبهر العالم هو اعترافها بالخطأ الذي كان يمارس فيها فعملت على تصحيح ذلك الخطأ والتزمت الشفافية ومصارحة الشعب بكل ما يجري.. فكان من نتائج ذلك أن أصبحت الصين قوة اقتصادية كبرى تتنافس مع كبريات الدول التي كانت تعد بأصابع البنان هذا ما أكده السفير الصيني في إحدى محاضراته في جامعة صنعاء والذي أكد أن لا سبيل للتقدم والنمو إلا الاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها بإرادة قوية وصادقة مع توفير البيئة الآمنة لنجاح كل ذلك. من هنا أقول إن أمام العرب درساً مفيداً وناجحاً وهو الدرس الصيني وعليهم أن يفهموه جيداً حتى تصلح أحوالهم مالم فإنهم سيظلون في أماكنهم محنطين لا يستطيعون فعل شيء، ومن العيب أن نظل هكذا بينما العالم يتغير من حولنا وبسرعة متناهية فلماذا لا نأخذ من الآخرين كل التجارب الناجحة ونترك القشور التي تعج بها كل بلداننا العربية ريفاً وحضراً، علينا أن نخرج من تحت رحمة الآخرين في ملبسنا ومأكلنا. رابط المقال على الفيس بوك