بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في بداية تسعينيات القرن الماضي انهار التوازن الدولي وانفردت بالعالم الإدارة الأمريكية بسياستها العدوانية ضد كل من يعارضها، أو يقول لها “لا” أو يرفض مشروعها العالمي “النظام العالمي الجديد” الذي يعني تماماً «أمركة العالم» وعلى مدى ثلاثة عقود من الزمن ركضت بقوة وبكل أسلحتها ووسائلها، وطرقها وأساليبها للسيطرة على العالم لكنها فشلت في تحقيق الأمركة، لكنها نجحت في تحقيق الفوضى الخلاقة في بعض الأقطار العربية وهي فوضى وصلت إلى اليمن وفشلت لكنها الآن توأد في سورية. روسيا خاضت تجربة لمدة ثلاثة عقود مع الغرب وفي طليعته الإدارة الأمريكية، فوجدت أن الإدارة الأمريكية ليست جديرة بإدارة العالم وتتعامل مع شعوب العالم بغطرسة واستكبار، وتريد أن تفرض وصايتها على العالم بالقوة، ومثل هذه السياسية أدخلت العالم في فوضى أمنية وفوضى اقتصادية ونقدية، واجتماعية، إنها سياسة أمريكية مدمرة للأمن والاستقرار والسلام الدوليين، وقد ظلت روسيا تنأى بنفسها خلال الثلاثة العقود حتى وجدت أن الأمور تسير لتهدّد الأمن القومي الروسي خلال 2011م، وصارت الأمور تهدف إلى ضرب المصالح الروسية في الشرق الأوسط حين رأى حلف الأطلسي بضرب ليبيا من البحر والجو دون أي مسوغ قانوني وبطريقة انتهك فيها حلف الأطلسي كل القوانين الدولية، تماماً كما حدث في العراق تحت مبرّرات زائفة وكاذبة وملفّقة، هنا لم تستطع روسيا الاتحادية أن تقف مكتوفة الأيدي فخرجت من النأي النفس إلى المواجهة من خلال أولاً دعم وإقامة علاقات قوية مع إيران، وصارت تعزز علاقاتها مع سورية وصداقتها مع حزب الله والقوى الوطنية العروبية اللبنانية المقاومة كون هذه تشكل جبهة واحدة من إيران حتى لبنان بما في ذلك العراق وهي جنوبروسيا الاتحادية وتعد جزءاً رئيسياً من أمن روسيا القومي. في الوقت نفسه تخلّت روسيا عن النأي بالنفس؛ لأن الأمور وصلت إلى تهديد أمنها القومي من جهة سورية التي أرادت الإدارة الأمريكية أن تكرّر معها سيناريو ليبيا لكنها فوجئت بالفيتو الروسي والصيني بالمرصاد للإدارة الأمريكية في مجلس الأمن وتمنع أي تدخُّل في سورية تحت أي مسمّى مباشر أو غير مباشر تحت مسمّى ممرات إنسانية أو مناطق حظر جوي؛ كل هذه التدخلات رفضت من قبل روسيا؛ بل اعتبرت أن الرئيس الأسد خط أحمر وعبأت شرق البحر المتوسط بالسفن العسكرية الروسية تحت مبرر حماية أمنها القومي وزوّدت سورية بأسلحة دفاعية، والآن تعرض حلول قوات روسية في الجولان محل القوات الأممية النمساوية التي انسحبت. هكذا تعود روسيا ومعها “دول بريكس” إلى الواجهة الدولية لمواجهة البلطجة الأمريكية في العالم والتي ستوأد في سورية العربية. رابط المقال على الفيس بوك