معروف أن خامنئي كان يحكم إيران.. ولقد فاز خامنئي أيضاً في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها إيران مؤخراً. فالمشكلة الإيرانية أن القرار الفارق هناك بيد المرشد الأعلى. وقياساً بسلطاته الاستراتيجية العميقة ليس ثمة سلطات حقيقية مصيرية بيد الرئيس أو الشعب. غير أن الرسالة المهمة التي قدمها الشعب الإيراني المغلوب على أمره في هذه الانتخابات أنه لم يعد يحتمل سياسات المحافظين التشددية خصوصاً أنه حسم نتيجتها من الجولة الأولى. بمقابل ذلك يبقى التيار الاصلاحي رغم خطابه المعتدل مقارنة وتيار المحافظين يدور في فلك هيمنة المرشد العام والمؤسسة الدينية المحتكرة لتطلعات المجتمع والمتميزة بشدة البطش. وعليه.. فإن معركة الايرانيين التي يهربون منها-ويؤجلونها حتى نضوج لحظة التغيير التقدمية الفارقة - ستبقى كامنة في نفوسهم بضرورة وضع حد لاستبداد منهج ولاية الفقيه المتبع وأهمية فك الاشتباك بين الديمقراطية الشكلية والمضمون الثيوقراطي! المهم.. أن جملة تحديات داخلية وعديد ضغوط خارجية تعانيها إيران منذ فترة.. ولقد كانت سياسة المحافظين موغلة في الانغلاق والتطرف والترهيب الأمني للمجتمع. فهل سينقل الرئيس الجديد الشعب الإيراني إلى ضفة أخرى؟ تبدو واضحة لكل مراقب حالة شبه الإجماع على تميز الأداء الديبلوماسي التفاوضي لحسن روحاني قياساً بأحمدي نجاد المتصلب المغامر الذي قاد إيران إلى أزمات متتالية وأعباء ثقيلة جعلتها بحاجة ملحة إلى مسعى بارع ومسئول للإنقاذ. لكن أكثر ماتحتاجه إيران حالياً الانفتاح والعقلانية والمرونة في إدارة ملفاتها مع المجتمع الدولي «السياسة الخارجية وحل قضية البرنامج النووي». بينما ينتظر الشعب الإيراني من سياسة الإصلاحيين بشكل خاص مفاجآت لصالح الحقوق والحريات إضافة إلى إصلاحات اقتصادية عميقة ضد الفساد وتجنب العقوبات القاصمة التي قادت إلى الانهيار المتواصل للعملة والتضخم القياسي والبطالة. وقبل هذا كله ينتظر أنصار التيار الإصلاحي من روحاني الذي كان اتخذ من المفتاح رمزه الانتخابي فك قفل الإقامة الجبرية اللاقانونية التي وضع فيها الزعيمان الاصلاحيان والمرشحان الرئاسيان السابقان مهدي كروبي ومير موسوي عقب دعوتهما المشتركة للشعب الإيراني في 2011 للتظاهر دعماً للاحتجاجات المؤيدة للإصلاح في مصر وتونس.. وكان موسوي وكروبي من أهم المنافسين في انتخابات 2009 التي انتصر فيها نجاد، إلا أنهما طعنا في نتائجها، كما قادا مظاهرات احتجاجية عارمة ضد ماوصفوها بعملية التزوير.. ولقد قمعت تلك الاحتجاجات بعنف، ثم تمت عمليات القبض على صحفيين ومنتقدين للحكومة ونشطاء معارضين مؤيدين لموسوي وكروبي ، قدموا لمحاكمات صورية لاحقاً بحسب شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام.. فضلاً عن أنه تم حينها أيضاً ايقاف إصدار الجريدتين التابعتين للمرشحين الإصلاحيين، وصولاً إلى فرض الإقامة عليهما وزوجتيهما دون حكم محكمة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك