علينا أن نتحاور ونتصايح؛ ولكن في هدوء وعقلانية وموضوعية وحكمة يمانية بعيداً عن العصبوية العمياء والولاءات الضيقة أياً كانت مذهبية أم جهوية.. فالمرحلة الراهنة التي يمر بها الوطن مرحلة إصلاح وتقويم لا تأزيم وتأثيم.. نحن اليوم أمام خيار واحد.. لا ثاني ولا ثالث لهما.. إما أن نكون دعاة محبة وسلام وأمن من أجل اليمن أرضاً وإنساناً ووحدة.. وإما أن نكون دعاة حرب ودماء وانتقام. إن الذين يمارسون لعبة العصا والجزرة لم يفلحوا لأنه فاتهم القطار؛ ومن فاته القطار سيظل يعيش على أطلال وذكريات الماضي بخيره وشره.. يكفي ما فعلتموه في حق الوطن والمواطن.. ثلاثون عاماً أو يزيد والزيتون لم يعصر.. والأعناب لم تعصر.. والدماء سفكت وروت الأرض ستنمو لنا كل يوم ثائر وثائرة مهما وضعوا العراقيل أمام إرادة الشعب.. إن أولئك الذين لم يستوعبوا بعد دروس وعبر وتجارب الماضي عليهم أن يدركوا جيداً أن عقلية وثقافة الإنسان اليمني ليست هي عقلية وثقافة ما قبل قيام الثورة اليمنية.. علينا أن نقتدي بأمجاد وقيم وأخلاق أسلافنا الأوائل.. لقد سادوا بقيمهم وأخلاقهم السامية.. كانوا قادةً وسادةً وهداة علم وأخلاق.. يحملون في قلوبهم محبة ووئاماً وسلاماً.. وفي عقولهم علماً ومعرفة وحكمةً.. لذا لا داعي لإثارة النعرات العرقية والمذهبية والطائفية.. لأنه لا مصلحة لأي طرف من الأطراف تأجيج ملفات الماضي.. أو إيقاظ الفتن النائمة.. أو تحريك كومة الرماد البارد.. فدعوا القافلة اليمانية تسير بأمن واطمئنان وسلام.. من أجل يمن جديد.. وبناء دولة مؤسسات وقانون.. منذ قيام الثورة اليمنية الخالدة أي نصف قرن من الزمن ونحن في صراع دموي مستمر من الغالب ومن المغلوب..؟!. كلنا خاسرون ومغلوبون أرضاً وإنساناً ووحدةً.. من الغالب أعداؤنا في الداخل.. وفي الخارج.. هم هكذا دائماً: يصيحون: «ليلى بالعراق مريضة» وهم قتلوها قبل دخولها المشفى.. التاريخ لن يرحمنا - أحياءً أم أمواتاً - وسيسجل كل شاردة وواردة.. ومأثرة ومأثمة في حق هذا الوطن الذي أعطانا الكثير ولم نعطه إلاَّ القليل الأقل- أية وطنية تلك..؟! - إنها وطنية سادية في لبوس نرجسية - ندّعي حب الوطن ونطعنه بخنجر مسموم خلف ظهره.. كل هذا بسبب التعبئة الخاطئة فكرياً ومذهبياً وطائفياً وحزبياً - فالوطن يعلو دائماً مهما كانت حدة الصراعات والنزاعات.. ولا يُعلى عليه، علينا أن نعي جيداً أن الوطنية ليست ثوب إمامة كهنوتية، ولا عمامة عالم ملتح، أو شيخ متحزب.. أو علماني متفلسف.. أو دكتور متطرف.. الوطنية أسمى وأرقى من هذا وذاك، فهل يا ترى بعد نصف قرن من الزمان نستطيع أن نخلع ثوب الكهانة والإمامة والكهنوت والعصبوية المقيتة التي أوصلتنا إلى هذه المرحلة التي كنا نتوقع أننا نتجاوزها بمراحل وأعمار هذه الأجيال؟!. ما أظن أن التاريخ يستطيع أن يعيد سنوات الماضي مهما كانت الجراح غائرة، أو نازفة؛ ولكن ستظل الأحداث الأليمة محفورة في ذاكرة الشعب والأمم مدى الزمن من أجل هذا فلنغرس الزهور والورود لبناء اليمن الجديد. رابط المقال على الفيس بوك