يمكن القول إن رسائل النور تشكل ظاهرة فعالة في التاريخ الإسلامي المعاصر بتحريرها ونسخها وتوزيعها وتأثيرها في المتلقين سواء من تلقوها منسوخة باليد أو من تلقوها بعد طبعها ونشرها، فقد قيل إنه تم نسخ وتوزيع أكثر من ستمائة ألف نسخة منها في نطاق السرية والقيود التي كانت مفروضة عليها، وأن التلاميذ كانوا يسهرون الليل في نسخها على ضوء الشموع أو في ضوء القمر وأن بعضهم كان يقضي الليل كله سائراً على قدميه في شعاب الجبال وسط الزوابع والأمطار ليسلمها إلى البعض الآخر في مختلف القرى. وقد كتب النورسي أغلب هذه الرسائل وأملاها وهو في المنفى تحت الحراسة أو في السجن، فقد كتب (بدأ كتابة الرسائل) وهو في منفاه في (بارلا) سنة 1927م واستمر في المنفى حتى سنة 1935م حيث اقتيد وتلاميذه إلى محكمة أسكن شهرا ثم حددت إقامته إجبارياً في (قسطمون) وسيق منها إلى محكمة (ديزني) فبرأته المحكمة بعد مرافعته الشهيرة التي سوف نحاول اقتباس بعض ما ورد فيها. ومن هذا يتضح أن الرسائل فرضت نفسها كوسيلة واحدة متاحة لداعية صاحب رسالة مهمته تبليغها للناس كما أن المعاناة في كتابتها ونسخها وتوزيعها خلقت جوا من الفدائية والتضحية لعله كان أتونا انصهرت فيه عزيمة عصبة من التلاميذ المؤمنين الفدائيين كانوا طليعة طلاب النور (محمد التهامي) ومما كتبه النورسي إلى تلاميذه وهو منفى في (بارلا):” أنا أكتب الآن وأنا على شجرة صنوبر في قمة الجبل وقد أنست بالوحوش واستوحشت من البشر وعندما أشتاق إلى الحديث أحادثكم خيالاً”. يقول محمد التهامي:” وهذا حديث يملك القلوب ويذيب المشاعر ويعرف كيف يشد الناس” ويقول: إن شخصية بديع الزمان النورسي الموهوبة ذات الأبعاد المتعددة وقدراته التي لا حد لها والتي تفجرت منذ نعومة أظفاره والعصر الذي كتب له أو عليه أن يعيش فيه وما توصل إليه من كتابة رسائل النور ومعاناته ومكابدته الحياة وتوفيقه في اختيار أنجح الوسائل لإيقاظ وإنقاذ المسلمين كل ذلك يشكل ظاهرة تؤكد أنه كان فعلاً رجل القدر كما سماه البعض. فائدة:” مما كتبه النورسي إلى تلاميذه وهو منفي في (بارلا):” أنا أكتب الآن وأنا على شجرة صنوبر في قمة الجبل وقد أنست بالوحوش واستوحشت من البشر”. رابط المقال على الفيس بوك