منذ منتصف الستينيات عندما قام الزعيم جمال عبد الناصر بزيارة اليمن وحتى اليوم لا يزال ذلك الشعب البسيط والطيب الفطري على حاله لم يتغير ، وأنا أشاهد الفيديو لزيارة الزعيم عبد الناصر شاهدت فرحة الشعب اليمني وركضه وراء موكبه نساء ورجالاً و أطفالاً احتشدوا في تعز وصنعاء لاستقبال الناصر. لا أدري لماذا ترقرقت الدمعة من مقلتي وأنا أشاهد الفيديو؟ ربما لأني لمست فرحة شعبي العظيم ببساطته وهرولتهم من الجبال واحتشادهم في طريق مرور الزعيم جمال بملابسهم الشعبية البسيطة، وربما لتلك الابتسامات الجريحة والأملة بالغد والمنهكة من حاضر ومعيشة قاسية، وربما لأني أحسست موقنة أن هذا الشعب .... منذ العهد القديم وحتى اليوم ينسى أوجاعه لمجرد أن خيوط وعد بحال أفضل تُرمى له فيقوم بغزلها بنفسه حتى تختمر أحلامه مع ذلك الوعد والأمل. وها هي السنون مضت ولا يزال شعبي يركض وراء المواكب ويصفق ليس لأنه أحمق بل لأنه بسيط ولا يزال يعيش على الفطرة ولم يستوعب بعد أن المواكب والمهرجانات والتصفيق هي سبب معاناته وسبب فقره وجوعه وتشرده وتهميشه، لم يفهم بعد وحتى وإن فهم لمجرد بهرجة ودغدغة لمشاعره ينسى كل تلك الأوجاع وذاك الأنين ، ثم يعودون بخيبة أمل يعصرون جوعهم ليشربوه عصيراً يصبرهم. المتأمل لحال حكومات العالم الغربي يجد أن تلك الحكومات لا تتورع في اختلاس ونصب وجني الأموال بطرق غير مشروعة وغير مشروعة مبطنة ثم تمضي في بناء وإعمار بلدانها بكل جد ولكن ثمة فارقاً جوهرياً في بلادنا فلا تشبع حكوماتنا السابقة واللاحقة ولا تتردد في قهر هذا الشعب ولا تهتم مطلقاً بهم، أحد المسئولين يغرد في صفحته قائلاً فيما معناه أن من له بيت يأويه ولقمة تسد جوعه فهو أغنى من 75 % من سكان العالم! علمت حينما قرأت تلك التغريدة المستفزة أن وزراءنا المبجلين يرون في فتات الخبز ومساكن الصفيح وشقق الإيجار فضلاً ومنّة ينبغي أن نحمدهم على ذلك!! إن اقتصار طموح الحكومة في أدنى مستوى العيش لهذا الشعب والقناعة التي تصيبها عند الحديث عنه والنصائح والزهد لماذا لا يطبقونه على أنفسهم ! ولماذا يأخذون حقوق الشعب ويلتهمونه بجشع لا شبع منه! ولماذا هم لمجرد اعتلائهم المنصب يصبحون من الطبقة المرفهة ويدوسون على كل حقوق ووجباتهم اتجاهنا! لقد أصبح الحديث مبتذلاً والكتابات أصابت الصحف والمواقع بالتخمة لكثرتها ولكن ثمة فقراً وفاقة عارمة تجتاح قادتنا ومتنفذينا فلا تأثير ولا مبالاة، ونسى هذا المسئول أن ملايين من أبناء شعبنا الكادح ينام عاصراً على بطنه حجراً وأملاً لسنين مضت ولا يزال على حاله بل أسوأ. لهذا كله ثمة شيء لابد أن يتغير، إما الشعب وإما الحكومة حتى تستقيم المعادلة غير الموزونة منذ عهود، فلابد أن يفيق هذا الشعب من بساطته ويكف عن التصفيق والبصم ويرفض أن يظل مطيه لكل الحكومات ويصرخ معبراً بإرادته وإما أن يتراجع المتنفذون عن أطماعهم ويكتفوا بما اختلسوه سراً وعلانية ويتركون شيئاً لهذا الشعب حتى يعيش بكرامة في أرضه بدل من تصديرهم عمالة مهانة في الخارج. الأشد ألماً ذعر المغتربين من العودة لوطنهم الذي يدر الحليب للقادة والمسئولين فقط، والأشد وجعاً منه أن الحكومة إلى الآن لم تحرك ساكناً كيف تعالج عودة الآلاف من المغتربين في المملكة إلى اليمن وكيف يأخذون حصتهم من هذا الوطن الذي ساهموا بطريق مباشر وغير مباشر في بنائه ، من المؤكد أن لا تفكير ولا وقت للتفكير بمصيرهم فلا يزالون منهمكين في تأمين أنفسهم وأسرهم والأجيال القادمة من أحفادهم ليطبقوا نصيحة أجدادنا إذا سرقت فاسرق جملاً بل لقد سرقوا الوطن بكل خيراته وليس الجمل فقط. في الأخير الشعوب عندما ثارت وطفح كيلها ليس لأجل أن تبدل أشخاصاً بآخرين ليكن في العلم يا ثوار اليوم فربما يقرر الشعب أن تكونوا أنتم ولا سواكم فلول الغد فالشعوب قررت أن تلفظ كل مصاصي دمائها وخيراتها. رابط المقال على الفيس بوك