كما أعتدنا دائماً، بارعون نحن في إعادة تدوير كل شيء من حولنا، معدن، بلاستيك، زجاج... ومبدعون في ازدواجية الاستخدام، فلكل شيء بين أيدينا أكثر من فائدة ولكل كلمة نقولها أكثر من معنى ولكل رأي نعلنه أكثر من مسار...، آخر ما التقطته حاسة الكتابة عندي الاستخدامات المتعددة للشال الذي يضعه الرجال عادة على الرأس أو الكتف كقطعة قماش شعبية متداولة ومستهلكة ولها أسماؤها المتعددة في مختلف مناطق هذا الوطن الجميل، فالبعض يطلق عليها “مشدّه” والبعض يسميها “كشيدة” و آخرون يدعونها “سماطة”... والمهم في الأمر أنني اكتشفت أن لها استخدامات كثيرة أخرى غير حماية الرأس من حرارة الشمس العمودية على أولئك الذين وصلوا مبكرين إلى مرحلة الصلع إما لكثرة الهم أو الإهمال أو الوراثة أو ملوحة الماء الزائدة التي أفقدتنا جميعاً رونق الشعر وبهاء البشرة.. كما أنها قد لا تستخدم فقط لإضفاء الشكل الجميل واللافت للنظر بإنسدالها على الكتفين مقرونة باللباس الشعبي الذي يرتديه الرجال في مجتمعنا، بل إن لهذا الشال استخدامات أخرى وجدت من المفيد أن الفت نظر البعض إليها حتى يتم تجنبها والحذر منها لما تثيره في النفس من نفور واشمئزاز، إلا إذا كنت وحدي من أعيش هذا الشعور فالأمر يصبح عندها شيئاً آخر.. تلك القطعة القماشية يستخدمها بعض المصابين بالرشح كمنديل يمسحون بها انوفهم وقطرات العرق المتساقطة عن جباههم، كما يرى فيها أصحاب بسطات القات سفرة ملائمة لمناديل القات البلاستيكية تعود بعدها تلك القطعة القماشية معززة مكرمة على رؤوسهم بعد أن قضت يومها حاضنة لمناديل القات وشاهدة على أيمان الطلاق التي يتفوه بها الباعة والمشترون وكأن نساء هؤلاء «عرائس باربي» لا تحس ولا تشعر أيضاً يستخدم البعض تلك القطعة القماشية كضمادة أو لفافة في حال وقوع حادث يتعرض أصحابه للنزف أو التواء الأطراف أو الكسور لا قدر الله. تستخدم أيضاً كحزام طبي لضم منطقة الوسط لدى من يشكو آلام العمود أثناء العمل الشاق.. هي أيضاً بساط يضعه المتسولون على الأرصفة ليلقي عليه المارة بعض الريالات تأسياً بثقافة سامية جاءت من بلاد العم سام.. فكما يضع المتسول قبعته هناك ليحصل على حفنة دولارات زهيدة يفعل متسولونا ذات الشيء لكن على بساط أحمدي مضمخ بعطر الأرصفة الذي لا تكذبه أنوفنا البوليسية! هذا الشال قد يتحول إلى صُرة عند بعض البسطاء تحمل أمتعتهم البسيطة على أكتافهم حلاً وترحالاً.. لكن وبمقابل كل هذا قد يدخل الشال عالم الوجاهة في سلوك ال«جاه» الذي يلقي فيه أحدهم هذا الشال بين يدي صاحب حُكم أو مشورة أو قرار أو سلطة طالباً إليه التدخل الحاسم في قضية شائكة أو مشكلة عاجلة في أوقات صعبة مضت ومازالت تراود حياتنا الاجتماعية استخدم البعض هذا الشال كلثام أو قناع يخفي عبره معالم وجهه القبيحة حتى لا يعرفه الناس لصاً وقاتلاً ومفسداً بين الناس.. !. إذاً فقطعة القماش مختلفة الألوان والأحجام والملمس تلك تستخدم للزينة وإضفاء روح الأناقة للزي الشعبي، تستخدم كمنديل وكبساط وكصرة لحمل الأمتعة، تستخدم أيضاً كضمادة ولفافة طبية بل وحزام طبي لربط الظهر والخاصرة.. هكذا نحن في هذا وفي غير هذا، تزدوج أفراحنا وأحزاننا، فحين نغضب نطلق الرصاص وحين نفرح نطلقه أيضاً، نولع (من الوليمة) في أفراحنا ونفعل الشيء ذاته في أحزاننا، نفتقد للنظام والترتيب وتخصيص الوقت المناسب للاهتمام بالذات المفقودة فينا... نسيت أن أقول لكم قرائي الكرام أن للشال استخداماً آخر في حضرموت حيث يستخدم باسم (حبيه) والحبيه من الاحتباء وهو الالتفاف بالثوب. والإخوة في حضرموت يحتبون بالشال أي يجلس أحدهم متربعاً ويشد رجليه على انحناءتهما إلى ظهره في شكل دائرة تحتويه وهذا يمنحه شعوراً بالراحة في جلسته.. ومعنى هذه الكلمة تجده قارئي الكريم في معجم الطلاب (عربي عربي) إن أردت الاستزادة.