يمكن اختصار الحديث عن النفوذ والامتيازات القبلية في عهد أو فترة الرئيس/علي عبدالله صالح بالقول إن يوم 17 /6/ 1978م لم يكن يوم تنصيبه رئيساً للجمهورية من قبل مجلس الشعب التأسيسي وحسب، بل كان بمثابة الموعد لتلكم الامتيازات لتخرج من حالة الانكفاء والكمون، لقرابة أربعة أعوام – هي فترة حكم الرئيسين الحمدي والغشمي – لتبرز إلى الواقع المعاش أكثر حدة وانتعاشاً عبر مفاصل الدولة وملامح المجتمع. فما إن استعد الرئيس/علي عبدالله صالح للتربع على سُدة الحكم حتى تقاطر المشايخ نحو العاصمة صنعاء التي كانوا قد اضطروا لمغادرتها، وكأنهم قد استبشروا خيراً بالرئيس القادم من أعماق الريف ومن أسرة فلاحية وقبيلة شهيرة. وجاءت فترة الرئيس صالح(33)عاماً ومعها من المستجدات المتلاحقة مادفع بنفوذ القبيلة وامتيازاتها التي تتالت على رؤسائها ومشائخها إلى ذروة ماتصبو إليه، وبما فتح المزيد من شهيتها، التي اتضح فيما بعد أنها لاتزال تطلب المزيد والمزيد. لم يتوقف الأمر على عودة شهية النفوذ والامتيازات وخروجها من حالة الكمون التي مرت بها خلال فترتي الرئيسين الحمدي والغشمي، إلى حالة البروز مستعيدةً مافقدته.. بل أخذ الأمر في التنامي والاتساع.. واستحداث ماتم استحداثه، جرَّاء العمل على كسب ولاءات القبيلة ومؤازرتها لنظام الحكم عن طريق المزيد من إشراك رموزها في المواقع القيادية العليا والوسطى في الدولة، من الوزارة إلى المحافظة والمؤسسة إلى المواقع القيادية العسكرية والأمنية، بل وفي اتخاذ القرارات الهامة أحياناً.. وتتسع الرقعة لتجبر الدولة على استحداث مواقع تستوعب كبار المشايخ وصغارهم، فتم استحداث مجالات جديدة مثل الامتيازات الممنوحة في مجالات التجارة والاستثمار وفي المواقع الحكومية كاستحداث مناصب وكلاء المحافظات، فبعد أن كان للمحافظة وكيل واحد، ووكيل مساعد في حالات نادرة جداً، صار الوكلاء بمعدل عشرين وكيلاً للمحافظة الواحدة، وذلك بهدف الاستيعاب بالكسب وإطعام النار الملتهبة.. وإن بالمخصصات المترتبة على تلكم التعيينات. وإذا ما نظرنا إلى التوجه الديمقراطي الذي تم انتهاجه – خاصة بعد تحقيق الوحدة – نجد أنه لم يقلص أو يحد من تلك الامتيازات والنفوذ، بل حمل معه ماهو عكس ذلك تماماً، إذ جعل من القبيلة عبر شيوخها ورؤسائها قوة انتخابية يحسبُ لها ويدعو الواقع إلى كسبها واستمالتها للاستفادة من تأثيرها في الانتخابات التنافسية الرئاسية أو البرلمانية، ثم المجالس المحلية.. وهذا ما مكنها من تحقيق مكاسب إضافية، منها على سبيل المثال السيطرة الواسعة على المقاعد البرلمانية وبنسبة قد تزيد عن الخمسة والثمانين في المائة.. حيث أصبحت الدوائر الانتخابية في الأرياف شبه مغلقة على شيوخ القبائل، وقليل من ذوي الجاه والمال وفي إطار التفاهم المُرضي.. وهذا ما يذكرنا برأي الفيلسوف اليوناني أفلاطون «القرن الثالث قبل الميلاد» في الديمقراطية الشعبية أو ديمقراطية العوالم كما أسماها. هكذا تكتمل حلقة النفوذ القائم على ماتم منحه من امتيازات لرؤساء القبائل وشيوخها في عهد الرئيس/علي عبدالله صالح «من المواقع القيادية والوسطية – في السلكين المدني والعسكري – إلى التجارة والمقاولات والعقار ونحوه من استثمارات، وغير ذلك» ولايستدعي الحال ذكر أو ضرب أمثلة عليه، كون الأمر معروفاً ومعايشاً وملموساً من قبل الجميع. أعرف أن هناك من سيقول: إن مرور نصف قرن – ويزيد – على قيام الثورة ومرور قرابة الربع قرن على توحيد اليمن قد أحدث الكثير من التغييرات ومكن أبناء شيوخ ورؤوس القبائل من التعليم والتأهيل العلمي في الجامعات وأرقى الدول الغربية والشرقية، وصار من حقهم أن يتبوأوا المواقع المختلفة في الدولة ويستفاد منهم ككوادر مؤهلة، وأن يعملوا في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية.. وصار من غير المنطقي أن ينظر إلى مايحصلون عليه كامتيازات ناتجة عن نفوذ، أو نفوذ ناتج عن امتيازات ممنوحة؟!.. إنه تساؤل موضوعي يتبادر إلى أذهان الكثيرين وأنا واحد منهم، وقد طرحته على بعض من لهم وجهة نظر في الموضوع – من كوادر علمية وتجار ومستثمرين – فكانت إجاباتهم متقاربة ولاتخرج عن إطار واحد يقول: لاننكر عليهم ذلك ولكن هل الفرص متكافئة بين الجميع؟ هل رأتهم العين لأنهم الأقرب إليها والأبرز، أم لأنهم الأكفأ والاحق بالسبق في ميادين التنافس؟. تساؤل نترك الإجابة عليه لذوي الاختصاص ومن هم أكثر فهماً وتبحراً في الموضوع. إنه لموضوع – حقاً – يستحق الدراسة والبحث بتعمق وموضوعية وتجرد لما له من صلة بمسيرة اليمن «دولة ومجتمع»، وكم أتمنى أن أكون قد لفت نظر أحد الطلبة الجامعيين إلى تناول موضوع كهذا في رسالة ماجستير، وفقاً لما تحتمه أسس البحث بمنهجية علمية.. فما أحوجنا إلى بحث من هذا القبيل يتناول «النفوذ والامتيازات القبلية في اليمن، جذورها، مراحلها، نتائجها». أما السؤال المتبقي أمامنا طارحاً نفسه فهو: هل اختلف ما جناه الرئيس علي عبدالله صالح في تجربته الطويلة«33عاماً» عما جناه الرئيسان عبدالله السلال وعبدالرحمن الإرياني في تجربتيهما مع الامتيازات القبلية ونفوذها؟ - شيء من الشعر جدلٌ.. بنقاشٍ عقيمْ وعنادٌ، بطبعٍ عديمْ في فراغٍ يَدُورُ، لتحديدِ أيِّهما الأوله الحوارُ، أو الحَلْحَلَهْ التقاعدَ بالأجَلينِ، أو الهيكلَهْ القوانينُ، أو شرعةُ القبيله المُداراةُ أو مُقْتَضى الدَيْوَلَه «قاطِعُ الخطِ» أو قاطعُ ألْسَابِلَه أوَلَوياتُ كُثرٌ وكلٌ يُصلي إلى قْبَلةٍ، ولَهُ بوصلَه وإله يْحَركُ نزعَتَهُ ومطامعه المُخجِلَه رابط المقال على الفيس بوك