منذ أن انطلقت الثورة اليمنية «سبتمبر وأكتوبر» مطلع ستينيات القرن المنصرم وطرد قوات الاحتلال البريطاني من عدن .. وما تلى ذلك من حركات تصحيحية وانقلابات عسكرية منذ تلك الآونة وحتى اليوم مازلنا في خندق التجريب، حيث تختزل الذاكرة الوطنية بسلسلة طويلة من الانتكاسات التي كانت دوماً ما تؤدي إلى الخصومة والاحتراب بين رفاق النضال. ومع الأسف الشديد، فإنه وحتى اليوم لم نستفد من تلك التجارب المريرة التي مازال بعضنا يحاول إعادة إنتاج الأزمات وافتعال المشاكل بحثاً عن مصالح ذاتية أنانية ضيقة تماماً كما كان الحال قبل خمسة عقود أمضاها اليمنيون في دوامة من الاختلاف والاحتراب الأهلي الذي كان دوماً ما يتوج بطرح التساؤلات التي ما زالت تسحب نفسها حتى اللحظة عمّا إذا كان بمقدورهم التوافق على مشروع وطني نهضوي يهيئ لهم مناخات إقامة منظومة حكم رشيد يقوم على أُسس العدل والحرية والمساواة بين المواطنين جمعياً ودون تمييز أو تهميش. ويبدو أن هذه التساؤلات التي ظلت تتردد طيلة العقود الخمسة الماضية قد حانت لحظة الإجابة عليها من خلال الأجواء المفعمة بالتفاؤل التي تسود شركاء التسوية السياسية في مؤتمر الحوار الوطني،وذلك من خلال التوافق على آليات تخرج اليمن من أسر حالة التجريب المزمنة إلى فضاء المستقبل الذي يضمن تجاوز تلك الحالات التي دفع اليمنييون كلفةٌ باهظة من استقرارهم الداخلي وجعلهم عرضة للتدخل الخارجي.. ولعل ما يعزز التفاؤل بإمكانية الإجابة على تلك التساؤلات التي ظلت تلاحقنا طيلة هذه العقود توافر إرادة الوفاق الوطني مع الإجماع الإقليمي والدولي غير المسبوق لتمكين اليمنيين من استحقاق إقامة الدولة المدنية والقائم على الشراكة الوطنية.. وبالتالي الإنتقال إلى حقبة جديدة يغادر فيها الجميع مربعات الانغلاق والعزلة ومحاولة الاستئثار بالسلطة والثروة في لحظة تاريخية استثنائية قد لا تتكرر مرة أخرى للحاق بركب العصر.. فهل يفعلها اليمنيون عشية اختتام فعاليات مؤتمر الحوار.. أم أنهم سيظلون تحت أسر تداعيات مخلفات أنظمة الاستبداد والديكتاتورية والحكم الشمولي التي كانت وبالاً على اليمنيين منذ إنطلاقة الثورة اليمنية قبل خمسة عقود من اليوم؟!. رابط المقال على الفيس بوك