ربما لا يتبادر إلى ذهن المواطن وجود فرق بين المخلفات المنزلية العادية والمخلفات الطبية .. برغم الخطورة التي تشكلها على حياة الناس لما تحتويه من سموم قاتلة وتعلم خطورتها الجهات المعنية .. ولا شك أن تلك الجهات لا تجهل التحذيرات المتكررة لمنظمة الصحة العالمية من خطورة المخلفات الطبية التي تنتج عن طريق المستشفيات الخاصة أو الحكومية .. أو عن طريق المختبرات أو الصيدليات وكافة المؤسسات الصحية. كما أن الجهات المعنية تعلم تمام العلم أن المخلفات الطبية أنواع وأشكال وفقاً للتصنيفات التي يعرفونها كمتخصصين في الشؤون الصحية كما تضمنتها الاستراتيجية التي طرحتها منظمة الصحة العالمية على وزارة الصحة لتنفيذها بصورة فعلية .. فهناك مخلفات معدية تحتوي على جراثيم وفيروسات وطفيليات وفطريات ومخلفات باثولوجية .. وتلك المخلفات تتمثّل في الأنسجة والأعضاء وأجزاء من الجسم أو الدم والأجنة البشرية والجثث الحيوانية. وتوجد مخلفات صيدلانية منتهية الصلاحية ، كاللقاحات والأمصال وبعض الأدوية .. ومخلفات تحتوي على مواد كيميائية مهملة سواء كانت صلبة أو سائلة أو غازية .. إضافة إلى وجود مخلفات إشعاعية وجينية. وهنا تبرز عدة تساؤلات أهمها : هل بالفعل قامت الجهات المعنية بدورها سواء بوضع الضوابط اللازمة لكيفية التخلص من تلك المخلفات أو عن طريق تنظيم حملات أو دورات للتوعية..؟ والإجابة على هذا التساؤل تتجسد في واقع الحال الذي لا يسر الطبيب ولا الحبيب .. ويبدو أن الأمور تسير بالبركة بعيداً عن التفكير فيما يمكن أن يتعرض له الكثير من خطر تلك المخلفات التي يتم التعامل معها بطرق خاطئة دون وعي أو ضابط أو رقيب. وأول المعرّضين للضرر جراء ذلك التقصير والإهمال في التوجيه والرقابة والتوعية هم أرباب المهنة ، العاملون في المستشفيات والمختبرات والصيدليات يليهم المرضى الموجودون في المستشفيات أو المترددون عليها لغرض العلاج بصورة أسبوعية أو شهرية أو حتى بصورة دورية .. وأولئك يعتبرون أكثر عرضة للعدوى نظراً لما يعانونه من الأحوال المرضية. وبعيداً عن هذه المؤسسات الصحية هنالك العاملون في مرافق نقل المخلفات العادية إلى جانب من يرتادون الأماكن العشوائية للقمامة ولرمي المخلفات .. وكذلك الأطفال الذين يجدون الأكياس (البلاستيكية) وأوعية النفايات .. والضرر الأسوأ هو تعرض البيئة للتلوث وذلك يعرض جميع الناس لمختلف الأضرار. وما يضاعف الخطر هو استمرار الحال كما هو عليه من التقصير سواء في توعية وتثقيف العاملين في مختلف المرافق الصحية أو في وضع الضوابط والاحتياطات اللازمة لحمايتهم وحماية جميع أفراد المجتمع مما يجعلهم عرضة للإصابات والأخطار فما كان يحدث في معظم المستشفيات وما يزال يحدث في بعضها سواء بسبب الجهل وعدم الوعي أو بسبب التجاهل واللامسؤولية والاستهتار .. أمور في منتهى الخطورة حيث يتم التعامل مع المخلفات الطبية على أنها مخلفات عادية .. ويتم التخلص منها بنفس الكيفية بواسطة وسائل النقل المعتادة لجمع القمامة وتلك كارثة بشرية وبيئية .. وهناك من يتخلص من المخلفات الطبية السائلة بواسطة المجاري وتلك من أسوأ وأخطر الطرق لما قد تشكله من تهديد لحياة المواطنين .. فإمكانية اختلاط تلك المخلفات مع شبكات المياه أمر وارد ، وأثر ذلك وأضراره فادحة على الجميع بكل يقين. أما غُرف التخزين المؤقتة لتلك المخلفات الضارة الموجودة في معظم المستشفيات فهي غير صالحة ولا تنطبق عليها الشروط المتعارف عليها والتي يجب أن تلتزم بها المؤسسات الصحية المختلفة .. ونادراً ما تتوفر عربات صغيرة لنقل المخلفات داخل المستشفيات من غرف المرضى إلى غرف التخزين وغالباً ما تحل محلها الأكياس (البلاستيكية) وللأسف إن وجدت تلك العربات فلا تطالها النظافة .. وتظل عليها آثار المخلفات باستمرار مع أنه يجب تنظيفها وتعقيمها كل يوم حماية للعاملين .. وحفاظاً على سلامة المرضى وكل من يتردد على المستشفيات من المواطنين .. بقي أن نؤكد على أن أفضل الوسائل المتبعة في العالم للتخلص من المخلفات الطبية هو الحرق .. فهل المحارق المخصصة لهذا الغرض متوفرة؟ .. وإن وُجدت فهل تُستغل بالفعل من قبل الجهات المعنية أم أن المسألة عسيرة.؟ وهنا نؤكد بأننا نطرح هذه المشكلة بمختلف جوانبها إسهاماً في التوعية بخطورتها ولتذكير الجهات المسئولة في الدولة بمسؤولياتها وهي بالطبع وزارة الصحة ووزارة المياه والبيئة والسلطة المحلية .. فحياة المواطنين وحماية أرواحهم أمانة في أعناق المسئولين القائمين على تلك الجهات وكلنا أمل في تقديرهم لهذه المسؤولية .. وفي انتظار المبادرة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على سلامة الجميع بصورة عملية.. وتلك هي القضية . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك