تحقيق الأمن والسيطرة على الأوضاع الأمنية لا يرتبط فقط بالاجهزة الامنية والشرطية، أو وزارتي الدفاع، والداخلية - وان كانت هي الاجهزة المختصة بدرجة رئيسية.. اذ تتداخل عوامل أخرى أساسية وثانوية تحد من امكانيات أجهزة الامن في تتبع وملاحقة الجريمة، أو منع الاحداث المخلة بالأمن قبل وقوعها.. «انقطاع الكهرباء، انقطاع وسائل الاتصال، قطع الطرقات..... الخ» إلى جانب تدني وعي وتفاعل المجتمع مع الأجهزة الأمنية... ماذا بوسع الأجهزة الأمنية عمله في شوارع مظلمة؟؟!! .. ففي الظلام الدامس يسهل على أيدي التخريب والغدر والخيانة التسلل الى الشوارع ووضع المتفجرات أو العبوات الناسفة كما حدث مؤخراً في شارع الزبيري بالعاصمة صنعاء وهو أكبر شارع رئيسي مجاور لمنشآت مهمة وبنوك.. حيث يفترض وجود كاميرات المراقبة لكشف المجرمين على الاقل.. لكن الظلام يحد كثيراً من امكانية السيطرة على الجريمة أو مسرح الجريمة.. كما أن كاميرات المراقبة – وان وجدت – هي الاخرى لا يمكنها رصد شيء في غياب الاضاءة .. في جميع الأحوال نعود فنؤكد بأن على الاجهزة الامنية والدفاعية تقع مسئولية حماية الخدمات الاساسية والمنشآت العامة وفي مقدمة ذلك الخدمات والموارد السيادية «أبراج الكهرباء، أنبوب النفط، تأمين الطرقات العامة من عصابات التقطع والنهب».. التراخي والضعف القائم في السيطرة والحماية لخطوط نقل الطاقة الكهربائية، والاعتداءات المتكررة عليها ، والتفجيرات المتكررة لأنبوب النفط .. وكذلك التقطعات لناقلات البترول والغاز والديزل كل ذلك إلى جانب ما يشكله من خطورة على الأمن والتنمية معاً فتح شهية تلك المافيات وشجعها للتغلغل والحركة في الشوارع الرئيسية للمدن المكتظة بالسكان. الانتشار الأمني داخل المدن وفي مداخلها على أهميته يظل محدود التأثير بل إنه عرضة للاعتداءات الارهابية في كثير من الاحيان ما لم يصاحبه تأمين استمرارية تدفق الخدمات ( الكهرباء، الاتصالات، النقل) اذ يتطلب أن يرافقه ويتزامن معه تواجد مكثف وقوي لقوات الأمن، والقوات المسلحة على امتداد خطوط نقل الطاقة الكهربائية، والنفطية.. وعلى امتداد الطرق البرية الرئيسية خاصة تلك التي تعبر عليها قاطرات الوقود النفطية والغازية. انتشار الجماعات المسلحة، جماعات التخريب مع ما تقوم به من عمليات السطو المسلح والاختطاف للشخصيات القيادية العسكرية، السياسية، الأمنية، الديبلوماسية... وأخيراً رجال المال والأعمال ليس له سوى معنى واحد هو غياب الوظيفة المتكاملة للدولة والمجتمع في مجال الأمن.. فقد تجاوزت المسألة حالة الانفلات الأمني الى انفلات شبه شامل بما في ذلك انفلات القيم والاخلاق .. والمحصلة فوضى تنتشر يومياً على حساب الدولة.. تجد قوى التخريب تتنقل هنا وهناك لتسطو، وتخطف، وتعبث، وتدمر بينما الأجهزة المختصة تتصرف بعشوائية.. فبالرغم ما نسمع عنه من خطط واستراتيجيات أمنية لا نرى لذلك ترجمة على أرض الواقع باستثناء مجاميع الجنود وبعض الطقومات والآليات التي تتواجد في الجولات وفي مداخل المدن لتفتيش المركبات والمسافرين بحثاً عن السلاح لكن الصحيح أيضاً أن عمليات التفجير تتزايد يوماً بعد يوم. ان ما يحدث لا تبرره محدودية الامكانيات المادية أو البشرية لكنه يعكس تخلف العقلية الامنية وغياب الحس الأمني.. غياب التعامل العلمي والموضوعي مع ما يحدث من اختلالات تصب في تخريب الوطن اقتصادياً، اجتماعياً، سياسياً، ثقافياً.. خلل واضح في آليات التنسيق والمتابعة.. في القيادة والسيطرة، وفي آليات الادارة الامنية.. غياب شبه كامل للزيارات الميدانية للقيادات العسكرية والأمنية وأجهزة الاستخبارات «الأمن السياسي، والأمن القومي». ان متابعة يومية، واجتماعات متواصلة للقيادات الأمنية والشرطية، والاستخبارات يترافق مع زيارات ميدانية منتظمة ومنسقة مدعومة بخطاب اعلامي وارشادي فاعل، ومناصرة مجتمعية من قبل منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والشخصيات الاجتماعية.. كل ذلك من شأنه مغادرة مربع الفوضى والانفلات، واعادة الاعتبار لوظيفة الدولة وتحقيق الحد المناسب من الأمن والنظام في وطن يتأهب لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل التي يتصدرها بناء الدولة المدنية الحديثة «دولة النظام والقانون».. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك