صدمة الاستغراب والدهشة لم تفارق مخيلتي ، ولاتزال جُرأة احدى الفتيات الشابات التي لم يتجاوز عمرها (25) عاماً مسيطرة على مشاعري وأحاسيسي ، والتي لولا حضوري ومشاهدتي الشجار المزري ، وما دار بينها وأُخريات في مستوى عمرها وجمالها في احدى حفلات الأعراس الذي كنت قد دعوت لحضوره من قبل أسرة العريس يوم الاثنين الماضي في احدى قاعات صالات الأفراح بصنعاء .. الفرح والبهجة والسرور كان متّسيد على الحاضرات في حفل الزفاف في تلك القاعة الجميلة لما يتوفر فيها من أعمال فنية مبتكرة وما تكتنز من إبداعات وروعة للمسات الفنية والديكورية التي جعلتها أكثر جمالاً وتألقاً كانت عاملاً مهماً ومصدراً لراحة الحضور ومبعثاً لأحلام وتمنيات الفتيات المقبلات على الزواج اللواتي يحلمن بإقامة ليلة زفافهن وكذا للأمهات لإقامة زفاف بناتهن فيها ، لما أضفاه المكان من مناخ جعل كلاً منا (الحاضرات) تعبر عن فرحتها وسرورها وأحلامها بطريقتها. لكن للأسف فإن جرأة تلك الفتاة التي لم اصدق ان روح الانتقام قد صنع منها مصدراً للعدوان والشر وتحولها من فتاة تتمتع بذلك الجمال ومقبلة على الحياة إلى «فتاة مدمرة للأخلاق والعلاقات الاجتماعية وآفة مجتمعية ضارة» والتي أفسدت الفرحة والبهجة التي كانت عنوان حاضر لابتسامة الجميع عرسان وأهالي ومشاركون في تلك الليلة ، وتحويل القاعة إلى ساحة معركة بينها وبين صديقاتها اللواتي اتضح فيما بعد ان إحداهن تربطها بها صلة القرابة إلى جانب إنها شقيقة (خطيبها سابقاً) الذي كان فسخ خطبتها وتزوج بأخرى قبل شهور بعد ان تركها .. لم اشهد ذلك الموقف الذي حدث في العرس من قبل - ان فتيات في مقتبل العمر ( ثلاث ) فتيات يتعاركن وكل منهن تنهال على الأُخرى ضرباً وتمزيقاً لملابسها وسحبها من شعر رأسها إلا تلك الليلة. ردت احدى الحاضرات على سؤال كنت وجهته للنساء لماذا هذا كله؟ حيث قالت «ومن الحب ما قتل» ثم روت لي قصة انتقام الفتاة من شقيقة خطيبها وصديقتها التي أصبحت عروساً لخطيبها السابق بعد ان فسخ خطبتها. كنت اعتقد ان الأمر عراكاً وانتقاماً و «حرقة قلب» لكن عندما رأيت الفتيات يبحثن عن جوالها «جلا كسي» وتدميره في الأرض. قادني الفضول لاقترب نحوهن لأعرف الحقيقة ، والسالفة عن قرب حينها صُدمت عندما تبّين لي ان جرأة الفتاة قد تعدت الأخلاق لتمس في الأعراض وتخدش التقاليد والعلاقات بين أفراد المجتمع والأكثر بين الأقارب ، لتتجرأ بتصويرهن وعند اكتشافهن إقدامها على فعل ذلك عن غفلة ومظهرهن في العرس وهن لابسات القصير .. حين تعمدت بوضع هاتفها معلقاً على صدرها ومحاولة تكرار ركوضها بجوارهن لأخذ المفتاح من الأرض الذي سقط عليها عنوة لتتمكن من تصوير مفاتنهن الأمر الذي أخرجهن عن السيطرة لينهالين عليها ضرباً وتأديباً. رغم ان العراك افسد الفرحة والحفل .. إلا انه نبه الفتاتين لما كانت ستقوم به الفتاة من عمل مخل وتصويرهن والانقضاض عليها وإحباط محاولتها الانتقامية .. قد يكون مبرراً لتقبل البعض ذلك الموقف إلا ان الصدمة لاتزال تعاني منها الكثيرات من الحاضرات في العرس. لكن علينا ان نتنبه فكثير من الحفلات كانت الجوالات فيها مصيدة ومدمره لكثير من الأُسر والفتيات ، وتسببت في حالات الطلاق وغيرها .. روايات مختلفة روتها الحاضرات عقب هذه الحادثة إحداها قصة فتاة تم تصويرها ونشر صورها في الإنترنت «اليوتيوب» وأخرى عن التي أضاعت هاتفها وفيه صور خاصة بها وأُسرتها ، وبعد الفشل في محاولة ابتزازها قام الشخص الذي عثر على هاتفها بنشر محتوياته على شبكة الإنترنت للتفاجأ بعودة زوجها من الإمارات ، وترك عمله بعد ان كان مغترباً على إثر مشاهدته وأصدقاؤه تلك المقاطع لزوجته مع صديقاتها و..و.... كثير من الحالات التي أُستخدم فيها الهاتف ليس كوسيلة خدمة ، ولكن كوسيلة مدمرة للمجتمع بسبب جهل من يحملونه ، وبسبب من يتعاملون في محيطة والذي ينبغي علينا ان نكون نساء وفتيات وكل أفراد الأسرة ان نتحلى بقسط من اليقظة ، وان نُحسن في تعاملنا مع بعضنا عند التكنولوجيا وتقنية المعلومات ، وان نرسخ من إيماننا بديننا وبالله عز وجل ونؤمن بما يقسم لنا الله في الحياة من نصيب وما يهب لنا من نعمة ونشكره ونحمده كثيراً ، وان لا نجعل سلوك الشر والعدوان يتحكم فينا أو تدمرنا الغيرة وتشعل نار الانتقام حياتنا وحياة الغير. وعلينا ان نُحسن استخدام هذه التكنولوجيا للبناء ، وليس للهدم المجتمعي والابتزاز والعياذ بالله ، وعلى مالكي القاعات ان يطوروا في تعاملهم وخدماتهم وان يدققوا في التفتيش وعدم الاكتفاء بالإعلان «ممنوع إدخال الهواتف النقالة والكاميرات» .. فالأمر يحتاج إلى صرامة اكثر .. كي تحضر الأسر والفتيات هذه الحفلات وهن يشعرن بالأمان. رابط المقال على الفيس بوك