• بقذارة لا حدود لها ، ونجاسة تتجرد منها حتى الحيوانات ، وبحقد دفين أيضاً ، تترصد أيادي الشر والقبح ، ولصوص الحياة ، لنسف مستقبلنا ، وتسعى جاهدة لتدمير شبابنا ، وإدخالهم في مستنقع المخدرات ، والذهاب بهم إلى الهاوية ، وبالتالي سحق أي ذرة أمل للمستقبل الذي تتعطش إليه الأسرة اليمنية المطحونة. • حكايا وقصص الجرائم المختلفة – التي نسمع عنها ، ونشاهدها ، ونعيش تفاصيل مآسيها – جعلت محيطنا أشبه بأفلام الرعب ، و حياتنا رخيصة وبلا قيمة. • ألا يكفينا – يا قوم – ما نحن فيه .. سلاح منتشر مع من هَبَّ ودَب ؟! يموت الناس في الحدائق ، والمنازل ، والشوارع ، من الرصاص الراجع ، من دون ذنب سوى تواجدهم في مرمى وطن كأنه ساحة نَصع.. وقد يقتلك أحدهم لأبسط الأسباب وهو بكامل قواه .. فهل كُنَّا ناقصين مخدرات ..؟! غَلَّقَتْ الفورة ، ووفَّرنا عملاً إضافياً لعزرائيل. • حذَّر عدد كبير من القضاة من تفشي ظاهرة المخدرات ، وعلاقتها بتزايد حالات اغتصاب الأطفال وقَتْلِهم ، والتي أصبحت منتشرة ، وتتنامى يوماً بعد يوم في أرجاء الوطن ، وتدعو لدق ناقوس الخطر ، والبدء بتشريح مسبباتها ، سعياً لإيجاد الحلول العاجلة . وللأسف الشديد تكمن مشكلتنا في هذا البلد أننا نتعاطى مع كل قضايانا - ومنها هذه الجرائم - بسذاجة ، وبتفاعل مؤقت نابع عن عاطفة بعيدة عن مسؤولية البحث الجاد للأسباب الحقيقية وراء بروزها، و انعكاساتها المدمرة على واقع المجتمع في المدى القريب ، وهذا ما جعلها تتطور إلى الأسوأ ، حتى وصل الحال بجرائم المخدرات للاستشراء والتغلغل في أوساط المجتمع، ونحن نتفرج ، ونتصارع على تغليب أهوائنا العبثية. • ألا يستفز المجتمع والدولة والإعلام تكرُّر جرائم الاغتصاب والقتل تحت تأثير المخدرات بشكل لافت، وفي أكثر من محافظة.. والأمثلة لا تحصى .. بينما مقتل الطفل سفيان بعد اغتصابه وقيام شاب باغتصاب طفلة بريئة – ربما أيقظ صراخها المفجوع إحساس الشجر والحجر – وعدم تردُّده عن استكمال المشهد الصاعق بقتلها بكل وحشية وببرود أعصاب ؟!. فما الذي دفعه لهذا الإسراف في الجُرم ، وأوغر صدره برغبة جنسية تجاه براءة لم تكتمل ملامح طفولتها بعد ، ومَنْ يجرؤ على قتل أمه بسبب رفضها إعطاءه بصيرة الأرض ،أو يقدم على قتل أبيه و زوجته ثم يظهر أمام الكاميرا مبتسما ؟! هل هو قاتل عادي، وجريمته كغيرها ، أم إنه شخص فاقد لنفسه ووعيه ؟! • أظلمت الدنيا في وجهي ، وأنا أستمع لتجربة سيدة في منتصف الثلاثينيات مع الإدمان ، تتمتع بقدر عالٍ من الثقافة والرصانة والوقار.. لم أشك لحظة أنها تتحدث عن نفسها ، حين حضرت إلى مكتب «مجلة الأسرة والتنمية» تدعونا إلى حث الجهات المسؤولة لإنشاء مراكز حكومية لعلاج الإدمان بكوادر متخصصة، وقيامنا بالدور التوعوي حيال توسع ظاهرة الإدمان و التعاطي غير المبرر للمهدئات ، وتحذير أفراد المجتمع والأسر من إدمانها ، وصعوبة الخلاص منها.. ثم سردت تفاصيل مأساتها مع الإدمان التي كان بطلها ومهندسها زوجها. • تكررت مشاهد ظهور فتيات يمنيات بعمر الزهور على مواقع النت، وهن مُخزِّنات، ويتبادلن قصبة الشيشة ، ويعرضن أجسادهن ، ويتراقصن بلا شعور ، ويتمعنَّ في عدسة الكاميرا بكل وقاحة !! واتضح أن كثيراً منهن تم استدراجهن من قبل صديقات في جلسات خاصة ، استجبن فيها لإلحاحهن “ اعملي لك جَرَّة .. جُرِّيْ لك نخس من الشيشة المحوجة بالمخدر “ ! وهنا كان “ الفخ “ والغياب عن الوعي في لحظات “ كيف “ أفقدهن كل شيء !! • الذي يفطر القلب أن جرائم المخدرات التي تم ضبطها خلال العام الماضي وصل عددها إلى 116جريمة ، و175متهماً ، بينهم عرب وأجانب .. لكن بالرغم ممن تم ضبطهم من أصحاب شحنات ومهربي مخدرات ، فلم نرَ تنفيذ العقوبة الصارمة بحقهم ، أو التشهير بهم أمام الرأي العام ، حتى يكونوا عبرة لغيرهم. • إننا أمام منزلق خطير ، وكارثة لن يسلم من شرها أحد ، وتحتاج إلى إعلان حالة استنفار قصوى لمواجهة هذه الظاهرة ، ونتطلع من القوى السياسية والمجتمعية الاضطلاع بواجبها الوطني ، والابتعاد عن الصراعات التي تضعف البلد ، وتشغله عن قضاياه الحيوية ، وإنجاح الحوار ، والتفرغ لمثل هذه المخاطر المتربصة بالمجتمع .. وعلى الأجهزة الحكومية أن تتحمل مسؤوليتها في حماية المواطن من هذا العبث للانتقال بالبلد إلى بر الأمان.