ليس من السهل على الشباب في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة أن يؤسسوا لمشروع صغير أيا كانت ميزانيته وأيا كانت طبيعة العمل فيه، تناسب شهاداتهم أم بعيدة عنها، المهم أنهم يرونها مناسبة من وجهة نظرهم لحاجة السوق. في ظل هذه الظروف وبشكل متكرر لفت انتباهي في محلات مختلفة وفي أماكن مختلفة كبقية تعامل الشباب في هذه المحال التجارية- التي يعانون من أجل فتحها كثيراً من المصاعب، وما هي اهتماماتهم داخل المحال وطريقة تعاملهم مع الزبون، سواء في الأسواق الصغيرة أو في الأسواق الكبيرة التي وجد الشباب أنفسهم فيها بالوراثة عن آبائهم. أكثر ما أثار استغرابي، وشفقتي في الوقت نفسه على تفكير بعض الشباب من ذوي المشاريع الصغيرة رؤيتي لبعض الشباب في محالهم الخاصة بتجهيزات الأعراس، ولن أذكر أي نوع من التجهيزات، ولكن أصحاب هذه المحال غاب عن ذهنهم أن أكثر زبائنهم من النساء، ومع ذلك تجدهم يفترشون أرض المحل ومعهم الشيشة وبعض الرفقة، ويقتاتوت القات، فأي زبونة ترى عنوان المحل تبادر لدخوله، ولكن عند رؤية هذا المنظر تتراجع إلى الوراء، لأن المكان غير لائق باستقبال الزبائن، وبعضهم يجمعون الرفقة ولو من دون شيشة، لكن يظل محل نفور للداخلين إليه. وقد يكون في محل مفروشات أو أدوات منزلية أو ما شابه، ولا يقوى على ترك الهاتف جانباً وترك محادثات الماسنجر، وتحاول محادثته فيرد عليك من دون أن يرفع رأسه، وقد تدخل حتى محل أدوات بناء فتجد صاحب المحل يفسبك على جهاز الكمبيوتر، وبدلاً من أن يخاطبك عن وقت نزول البضاعة يناولك مباشرة كرت لتتصل به في وقت لاحق، لأنه غير مستعد لقطع اهتماماته وأحياناً تدخل المحل وتقرع على الطاولة قرعات متتالية وصاحب المحل منزوٍ في ركن مع الهاتف والقات، ولديه موظف صغير يقوم بمهام لا يستطيع إنجازها بمفرده، بينما صاحب المحل غائباً عن الوضع نهائياً. للشباب الذين وصلوا إلى فتح مشاريع صغيرة بقدراتهم الذاتية أو للذين تكلّف أهاليهم فتح هذه المشاريع لهم أو حصلوا عليها بالوراثة، لهم جميعاً. أتمنى أن ينظروا فيما يطوّر مشاريعهم، سواء في طريقة التعامل مع الزبون أو في اهتماماتهم التي تشغلهم عن أرزاقهم سواء في مضغ القات مع رفقائهم داخل المحلات التجارية أو في الانشغالات بالهواتف. الشباب هم من نعوّل عليهم في إخراج الوطن من ضائقته، فلا تكونوا الشوكة التي تجعل الوطن يظل مخنوقاً مدى الحياة، فالتكنولوجيا وسيلة لتحسين الخدمات، تساعدنا على التواصل وتوفير الوقت وليس إضاعته، والقات شجرة نتمنى أن يأتي اليوم الذي نراها قد أفلت من بلدنا، ويكفي أن الكثير من دخلكم يذهب إليها، فلا تجعلوها الوسيلة التي تغلق باب أرزاقكم من دون أن تقصدوا، وتعاملكم هو رأس مالكم فلا تركنوا إلى غيركم ليقوم مقامكم، فلا تستصغروا أعمالكم ولا تتهاونوا بأرزاقكم، وأتمنى أن تجد كلماتي لديكم أذنا صاغية وعقولاً واعية.