وأنت تضع يدك على مساحة الوطن لتتفحص المواطنة المتساوية، تعود يدك جافة خالية من النتائج الإيجابية، إذ تطغى فئات وتتعالى بإمكانيات التسلّط على فئات مجردة من كل حقوق التساوي والتعايش الكائن في أُطر المفاهيم الإنسانية. تخندق الإقطاع السياسي، والمتمترس بأسلحة النسف في معقله الجغرافي المختلط بصدأ العقل المعطل، وعدم تقبل مفاهيم واسعة موجبة يُصّعب أفق التقارب وأدوات الحوار. أما مراكز القوى التي يستند عليها الإقطاع السياسي هي تلك القوى ذات الأهداف القصيرة والقزمية بمقدار رؤيتهم إلى الحياة والناس، وعلى أنهم أدوات تملك مُسخرة.. عودة المعاقل الجغرافية للإقطاع السياسي هي تقطيع جغرافي وإنساني، وسياسي في ذات الوقت.، لم نجد من يقف في وجه الإقطاعيين سوى المتحررين من عقلية التسلط السياسي والشخصنة والرجعية بشتى ألوانها، وأصحاب الهمم الوطنية العالية والمُحبة لأوطانهم، وما يحدث اليوم واجهة من واجهات الإقطاع السياسي مضافاً إليه الإقطاع الديني فإذا كان الإقطاع السياسي يجد رؤيته نحو استغلال المكان لصالحه وتقطيع أوصال الوطن للتقاسم في حدود فئاته لتضخيم ذواتهم وضآلة أهدافهم وجفاف الحب الوطني و حيازة المال فذلك هو الوطن برؤيتهم، فإن الإقطاع الديني هو إقصاء الدين الواحد عن مخالفيهم الذي هو«أي الدين» دين الله لجميع البشر وحصره على أنفسهم. من الجرأة الممقوتة في كلا الطرفين، فالتحريض السياسي لإلغاء حقوق المواطنة والعدالة في المجتمع، والتعايش وفق المكان حتى وجود الضد المخالف، والجرأة في الإقطاع الديني - بفتوى التكفير وإخراج الناس من مللهم ونحلهم. إذاً ما الفرق في بذاءة الطرفين؟! فالطرف الأول الذي يُقصي الإنسان عن معاشه في الحياة الإنسانية والطرف الثاني من يقُصي الإنسان عن حياته الدينية المآلة لحياته الأخروية التي يُحاسب عليها نفسه ويتحمل أعماله. يظل الإقطاع بكل الصور إقطاعياً سلبياً، فإقطاع الماضي النابت على أجساد المقهورين هو إقطاع الحاضر الجاثم على حرية الإنسان السياسية والفكرية والاجتماعية. اليوم ونحن نحاول أن نتحرّر من ربق القهر السياسي ورجعية التكفير الديني، ونوصد كل الأبواب التي نتوقع مرور ذلك الإقطاع يفاجئنا بأنه جزء من ذواتنا وقراراتنا يختفي تحت ركام من أثقال المعوقات وخلف كثير من الأقنعة.