تقود الشابةاليمنية بشرى الجعوش ثورة ضد نظام الإقطاع في مديرية العدين محافظة اب منذ يناير الماضي على خلفية مقتل والدها الذي يعيل 12 فرداً وشقيقها الشاب عيسى الذي تم تصفيته إلى جانب والدة في وضح النهار على يد شيخ ارض في مدينة العدين شرق محافظة إب . بشرى التي لم يمضي سوى أسبوع من تاريخ عرسها وجدت نفسها أمام مهمة لم تكن تتخيلها فالشابة البالغة من العمر20 عاما خرجت من بيت زوجها في العاشر من يناير ولم تعد إلية بعد فبشرى التي أحرقت غطاء رأسها لاستثارة حمية الرجال ولم تكتفي بذلك بل حملت البندقية وتقدمت الصفوف لتعلن عن بدء ثورة الرعية ضد الإقطاع في العدين احد معاقل الإقطاع . وعلى الرغم من مضي 3 أشهر على انطلاق ثورة بشرى إلا ان ثورتها لم تنتهي بعد في ضل غياب دور حكومة الوفاق فبشرى أول ثائرة تعلن انتهاء عصر الإقطاع في اليمن وترفع شعار( لامشائخ بعد اليوم ) إلى تفاصيل ثورة الرعية ضد الإقطاع في اليمن . في ظل الشعور الجمعي بالتحرر من قيود الأنظمة وأجهزتها الاستخباراتية التي كانت تحمي النافذين ولدت ثورات اجتماعية من رحم الثورة الشبابيةاليمنية وساهمت أجواء الحرية في دفع الناس إلى الخروج على العلاقات التقليدية التي سادت العديد من معاقل الإقطاع في اليمن التي تشهد انتفاضات شعبية منذ أشهر. فمديرية العدين التي تقع تحت سيطرة الإقطاع على منذ عشرا عقود زمنية أعلنت خروجها عن عباءة الشيخ ووكلائه وأعلن اللالاف من أبنائها ونسائها انتهاء عصر الإقطاع المشائخي في زمن التغيير كما طالبو الحكومة اليمنية والنائب العام اليمني بإغلاق السجون الخاصة وتحرير المعتقلين فيها من قبل مليشيات المشائخ المسلحة وفرض سيادة القانون . انتفاضة رعية العدين ضد النظام المشائخي المتسلط اعتمدت على أسلوب الاعتصام والمسيرات الاحتجاجية حيث أسس أنصار التحرر من الإقطاع ساحة خاصة أسموها ساحة نصرة المظلوم امتدت على مايزيد عن 800 متر وسط مدينه العدين وبجانب مديرية الأمن والمجمع الحكومي وزودت الساحة بعشرات الخيام الكبرى والمتوسطة وبعد تواطؤ الجهات الأمنية في القبض على قتلة المواطن الجعوش ونجله ارتفع سقف المطالب إلى حل المجلس المحلي ورحيل مدير المديرية ومدير الأمن لتواطئهما مع القتلة التي ينتمون إلى فئة المشائخ والذي سلمته قوات الأمن إلى احد أنجال شيخ العدين والذي لم يسلمه للدولة بل قام بتهريبه إلى مكان مجهول ، وهو ما أثار حفيظة الآلاف من أبناء العدين الذين اشعلوا ثورة 7 يناير2012م . من نوع أخر هي الثورة ضد الظلم المحلي من قبل بعض المشايخ والمتنفذين الذين يتهمهم الأهالي بقتل المواطنين العزل والفرار من وجه العدالة على اعتبار المواطنين رعية لا قيمة لدمائهم وأرضهم وممتلكاتهم ، حيث دعوا لان تكون حادثة قتل الجعوش ونجله على يد شيخ أخر جرائم الإقطاعيين في المديرية بعد ان مقتل العديد من أبناء المواطنين البسطاء من قبل المشائخ ومعاونيهم ومن شهداء الإقطاع في العدين في الآونة الأخيرة قتل الشاب "حسام البريد” وقتل" ماجد على حسين" من أبناء مديرية العدين من قبل بعض المشايخ ومعاونيهم واعتبرو السكون على الجريمة جريمة أخرى لا تقل عن من قتل وهرب الجناة . وأكد أبناء العدين أنهم ليسو ضد المشايخ ككيان اجتماعي محترم ومساهم في الحياة العامة ولكنهم ضد أيا من المشايخ الذين يتحولون إلى قتلة ومدافعين ومتسترين على المجرمين . وناشد البيان "محافظ إب وحكومة الوفاق للتدخل وإنصاف الضعفاء وناشد كل المنظمات الحقوقية والإنسانية وكل مسلم غيور على دينية وعرضه وشرفة" . وقال البيان "ان السكوت على الجريمة هو جريمة أخرى لا تقل عن من قتل وهرب الجناة وما كان قتل الجعوش ونجله الا نتاج السكوت على قتل المواطن "حسام البريد” وإصابة “فواز أمين على قاسم” وقتل" ماجد على حسين" من أبناء مديرية العدين من قبل بعض المشايخ ومعاونيهم". وحدد رعية العدين انتهاء ثورتهم ضد الإقطاع بانتهاء الإقطاع وتحقيق العدالة والمساواة في ارض العدين , وإعادة الكرامة للمواطن والاعتبار للقانون . وفي نفس الاتجاه تشهد عدد من مديريات محافظة الحديدة انتفاضات شعبية ضد مشائخ ومغتصبي أراضيهم ومنتهكي حقوقهم ، حيث تشهد مديريات (جبل رأس - زبيد - باجل - بيت الفقية - الدريهمي - المراوعة - القطيع - حيس -الجراحي - المنيرة - اللحية - الصليف -الزيدية - القناوص ) انتفاضات غاضبة ضد إقطاعيو العصر منذ أشهر البعض من تلك المديريات حققت نجاحات والبعض الأخر لازالت ثورتها مشتعلة . غياب الدولة وحضور الإقطاع يمكن القول بان هناك فرضية عكسية بين غياب الدولة وحضور الإقطاع المشائخي في اليمن والعكس صحيح فسطو وجبروت مشائخ الأرض لم يتراجع إلا في عهد الرئيس الراحل إبراهيم محمد ألحمدي الذي اوجد دولة مؤسسات قوية وفرض سيادة النظام والقانون في ثلاث سنوات قبل اغتياله في أكتوبر 1977 م ، ودون ذلك غابت الدولة فاتسع نطاق رموز الإقطاع من مشائخ الأرض حيث أعاد الاقطاعييون إنتاج ذاتهم على مدي ال 45 عاماً الماضية من عمر ثورة سبتمبر إلام 1962م بطريقة تتقارب مع نموذج الإقطاع الذي ساد العصور الوسطى عقب انهيار الإمبراطورية الرومانية حيث فرض الاقطاعييون الجدد أنفسهم بقوة في مديرية العدين ومديرية ذي سفال ومديريات محافظة الحديدة وبعض مديريات ريمة وذمار ومديرات أخرى في محافظة الحديدة كما فرضوا فكرة ازدواج الولاء بطريقة تتيح للدولة هامش ضيق في النظر للقضايا الاجتماعية أو التقاضي ففرض رموز الإقطاع في اليمن الشخصي لهم كمشائخ ارض وشيخ الأرض يعتمد على مقدار الأرض التي يستولى عليها من الآخرين ، وللتوضيح يجب ان نوضح ان هناك فرق كبير بين شيخ الأرض الذي يمارس الإقطاع وشيخ القبيلة الذي تربطه بأعضاء القبيلة عقد اجتماعي تقليدي يرتكز على قاعدة ( سيد القوم خادمهم ) أي ان للشيح حقوق وعلية واجبات لأعضاء القبيلة التي وسلطة شيخ القبيلة لا تتعارض مع حقوق أفراد القبيلة بل تقترب من النموذج الديمقراطي في الغالب. العلاقات الاجتماعية تم تقسيم المجتمع في نطاق سيطرة الاقطاعييون الي شرائح اجتماعية ملاك وفلاحين الشيخ هو المالك للأرض ويعين وكيل له ( مثل النبلاء في القرون الوسطي إلا ان النبلاء في عهد الإقطاع الحديث في اليمن لايكونوا في الغالب محاربين بل نهابة ونافذين ) في الإشراف على الأرض التي يعمل فيها الرعية ( الفلاحين ) وجمع المال منهم وفي ضل الوجود الشكلي للدولة في اليمن في معظم المناطق فإن الإدارة الحقيقية للمديرية تؤؤل للمشائخ والعقال والملاك ففي مديرية العدين الواقعة على بعد 20 كيلو متر شرق محافظة إب تتكون العلاقة الاجتماعية من شيخ ارض ورعوي ارض اى فلاح يعيش تحت سلطة الشيخ وينفذ كل مطالبة ومع تراجع دور الدولة في تجسيد النظام والقانون تعاظم دور المشيخ وتردت علاقة الرعوي الذي يعد الطرف الأضعف حيث سعى المشائخ إلى بناء سجون خاصة على غرار السجون التابعة للدولة ومارسو حق الضبط الجنائي والسجن التعسفي خارج القانون والاعتقال وصنعو من أنفسهم دولة داخل دولة بمساعدة ممثلين عن السلطة التنفيذية كمسئولي الأمن وعن السلطة القضائية كأعضاء المحاكم والنيابات والسلطة التشريعية كأعضاء مجلس النواباليمني الذين يمثلون المشائخ والكثير منهم يكونون أنجال مشائخ يستحوذون على المقاعد البرلمانية في المديرية البالغ عدد سكانها مايزيد عن 750 ألف نسمة وتنقسم مديرية العدين إلى أربع مديريات حزم العدين وفرع العدين ومديرية مذيخرة . وعلى مدى السنوات الماضية تنامت انتهاكات المشيخ للرعية الذين يعدون الطرف الأضعف وامتدت تلك الانتهاكات إلى مصادرة حق الحياة حيث قتل العديد من المواطنين في ظروف غامضة وقتل آخرين برصاص المشائخ ومليشياتهم المسلحة ، فالعنف الاجتماعي تصاعد تدريجيا خلال السنوات الماضية وبلغ أعلى ذروته العام الماضي يعيش فيها المواطن حياة ودماء المواطنين باتت تسفك من قبل أنصار وموالون للمشائخ في تلك المديرية. الديمقراطية والإقطاع لايمكن ان تلتئم الديمقراطية والإقطاع الاجتماعي في أي بلد أخر إلا في النموذج اليمني فقد التحمت الديمقراطية الشكلية بالإقطاع كممارسة وسلوك حيث أتاحت الديمقراطية هامش واسع لرموز الإقطاع في المناطق الوسطى في اليمن في الجمع بين السلطة التقليدية والتشريعية والتنفيذية فمشايخ الأرض انخرطوا في إطار العملية السياسية عبر الانتخابات حيث استقطبت بعض الأحزاب السياسية المشائخ ذو النفوذ في تلك المديريات في عضويتها وتبنت ترشيحهم للانتخابات البرلمانية بهدف ضمان حصولها على عدد من المقاعد البرلمانية ، فمجلس النواباليمني تحول إلى مجلس شيوخ يرئسة شيخ ويتحكم في قراراته شيخ وبات ممثلي الشعب هم أنفسهم من يضطهدونه ومن يسلبون كرامته وآدميته كما حدث في العدين التي يمثل أبنائها في البرلمان اليمني سبعة نواب منهم 5 مشائخ واثنين لا ينتمون لفئة المشائخ بسبب تنامي الوعي السياسي لدي رعية العدين . ويعود سبب تنامي دور المشائخ في المناطق الوسطي في اليمن في عهد نظام الرئيس السابق على عبدالله صالح إلى اعتماده على القوى التقليدية في الحفاظ على نظامه او ما شبههم صالح ذات مرة ( بالثعابين ) بالإشارة إليهم ، حيث عمد صالح على رعاية مراكز القوى التقليدية وتقديم الدعم المالي عبر الاقتصاد ألريعي والدعم المعنوي عبر منحهم امتيازات اجتماعية وسياسية حيث نصب العديد من مشائخ المناطق الوسطى في مجلس الشورى وفي عضوية حزبه . وعلى الرغم من تمكن المشائخ السيطرة على رقاب الرعية في تلك المناطق التي تسودها البدائية من خلال السلطة التشريعية كأعضاء مجلس النواب وأعضاء مجلس شوري إلا ان إقرار اليمن الانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات في عام 2001م منح كبار المشائخ في التحكم بالسلطة التنفيذية من خلال ترشيح أبنائهم للمجلس المحلي على مستوى المحافظة ودعم المشائخ الأقل نفوذاً للتحكم بالمجالس المحلية في المديريات حيث استحوذ المشائخ الأقل نفوذاً على عضوية المجالس المحلية والتي من خلالها تحكموا باتجاهات السلطات التنفيذية والقضائية وعززو قبضتهم على مايصفونهم بالرعية الذين باتو لأحول لهم ولاقوه إلا الاستسلام لسلطة الشيخ التقليدية أو المحلية حتى ان حاولو طرح القضية على طاولة محافظ المحافظة فان اللي خلف المحافظ احد أنجال الشيخ المشكو ضده ولذلك غابت العدالة وأصبحت حقوق المواطن أو رعية المناطق الوسطى في اليمن مسلوبة حتى النخاع والغريب في الآمر ان محاولة الرعوي تصعيد مطالبة بعيدا عن سلطات الشيخ التقليدية والمحلية جناية في منظور الشيخ الذي يستوجب الرعوي ويصف خروجه علية بالتمرد على سلطاته وغالباً مايحكم علية بتسليم أدب أما بدفع مبلغ باهض من المال أو بتقديم ذبيحة كوصلة ، البعض من المشائخ تنتابهم نوبات هستيرية وتتصاعد شحنات العنف والانتقام في قلوبهم على الرعية الغلابة حيث يتخذون عقوبات صارمة لردع خروج الرعية عن سلطاتهم حيث يأمرون مليشياتهم المسلحة بنهب كل مايملكون من ثروة حيوانية أو أصول منقولة كالسيارات والمعدات أو نهب أرضهم أو إتلاف ثمار مزارعهم ان وجدت ولا يقف انتقامهم عند حد بل بلغ بهم الأمر إلى تهجير الرعية من القرى التي يعيشون فيها واحتلال منازلهم وأراضيهم وكل مايملكون من ثروات وتشريدهم كما حدث مع المئات من أبناء الجعاشن الذين هجرهم الشيخ محمد احمد منصور شاعر الرئيس السابق على صالح والذي شرد مايزيد عن 80 أسرة بنسائها وأطفالها بسبب ما اعتبره تعدي على سلطاته الجباية حيث ذهب أبناء تلك المناطق تسليم الزكاة إلى الدولة وليس إلى وكلاء الشيخ منصور ، واستمرت قضية ماعرف بمهجرو الجعاشن أكثر من عام ونصف بين يدي مجلس النواب ومجلس الشورى ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية والسلطة المحلية بمحافظة إب ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية إلا ان مشردو الجعاشن لم يعودوا إلى منازلهم فقد فشلت جميع السلطات الحكومية بإعادتهم إلى قراهم واستعادة حقوقهم المسلوبة وإعلاء إنسانيتهم التي سحقتها مليشيات الشيخ المسلحة وأرضهم التي سطى عليها الشيخ ورجالة وعندما وجد مشردو الجعاشن أنفسهم وحيدون في صراع مع شيخ تقليدي تقف إلى جانبه السلطات الرسمية الثلاث لجئو إلى تغيير ألوانهم من الأبيض إلى الأسود وطالبو الحكومة اليمنية ان تعاملهم معاملة اللاجئين الأفارقة الذين يلجئون إلى اليمن طلبا للجو الإنساني فرفضت الحكومة ، إلا ان مهجرو الجعاشن بنسائهم وأطفالهم ورجالهم وشيوخهم تحولوا إلى ثوار بل قادو الثورة الشبابية التي أطاحت بنظام صالح .