إصلاحُ الجهاز الإداريّ للدولة ومحاربةُ الفساد، تَفرضه حاجة الداخل اليمني إلى مؤسسات ومنظمات خدمية وأمنية فاعلة، قادرة على تقديم الخدمات وحلّ مشاكل وقضايا الناس، وفرض الأمن والاستقرار.. تفرضه شروط المانحين - الإقليميين والدوليين - عند كل عقدٍ أو اتفاقية تقدِّم بموجبها دولة شقيقة أو صديقة أو منظمة دولية، منحة أو مساعدة أو قرض.. تفرضه الحاجة إلى إحداث تنمية مستدامة، ورفع لمستوى دخل الفرد.. يفرضه مفهوما «الحوكمة» و«الحكم الرشيد» بمكوناتهما وأبعادهما المختلفة، ويفرضه ما سيخرج به «مؤتمر الحوار الوطني الشامل» من نتائج. والحكومة ، وهي بصدد استكمال مراحل إعداد وإصدار موازنة العام 2014م «تُدرِكُ» أنّ أولَ إجراء باتجاه إصلاح الجهاز الإداري للدولة ومحاربة الفساد يبدأْ بإصلاح نظام الموازنة العامة السنوية للدولة وإعادة النظر في أدوات وآلية إعدادها ك«مشروع» وتنفيذها ك«موازنة»، يبدأ بإصلاح أهم أداة مالية ونقدية ورقابية.. فالموازنة العامة، ماتزال موازنةَ تقليدية، موازنةَ أبواب وفصول وبنود وأنواع، موازنة هي في حقيقة الأمر مصدر رئيس من مصادر الفساد، موازنة مكّنت رؤساءَ وحدات إدارية وجهات حكومية أخرى، من الاستحواذ على الاعتمادات و المخصصات المالية، لتبقى في الأخير أجهزة ومرافق حكومية معطلة أو شبه مشلولة، موازنة تُصرَف عند أول يوم من كل شهر ك «سلة نقدية» واحدة، لتبقى في تصرف رئيس الجهة أو الوحدة الإدارية وممثل وزارة المالية فيها، وتُوظَفُ في أغراضٍ ومقاصدَ غيرِ المقاصدِ التي خُصّصتْ من أجلها، وبالتالي فساد يعبث بالمال العام، وتعثر في تنفيذ خطط وبرامج التنمية. وعليه فإن إعادة النظر في أنموذج الموازنة العامة الحالي، ودراسة أنواع أخرى، واختيار الأفضل، كأن تكون موازنة أداء أو موازنة برامج وأهداف – مثلاً- ، وإصلاح أدوات وآلية إعداد وتنفيذ الموازنة، تُمثّل خطوة مهمه، يُفتَرضُ بالحكومة أن تقوم بها، ضمنَ إجراءات وخطوات أخرى، نتناولها في مقالات قادمة.. إجراءات وخطوات في إطار تحقيق أهداف «ثورة التغير2011م» وما ورد في مضمون «التسوية السياسية»، فالتسوية السياسية ليس فيها ما يبرّر لأي طرف بأن يظل متمسكاً بأدوات وآلية حكم ، هي محل نقد ورفض شعبي، بل على العكس من ذلك، فهي مكملة لفعل ثوري وفي فحواها ما يمكّن جميع الأطراف فيها من المشاركة بفاعلية في الترتيب والتحضير لدولة مدنية حديثة. [email protected]