حتى وإن نجحت اللجان الرئاسية في كل من صعدة وعمران والجوف وحجة في إسكات أصوات الرصاص والمدافع ووقف الحرب الدائرة بين الحوثيين والسلفيين وحزب التجمع اليمني للإصلاح هناك إلا أن أسباب تلك الحروب ودوافعها ستظل قائمة وستبقى بمثابة النار تحت الرماد ولا يمكن إخمادها بمجرد التوقيع على اتفاقات لوقف إطلاق النار.. كلنا ندرك أن أسباب هذا الصراع ودوافعه مذهبية في الدرجة الأولى، وليس من السهل في ظل الاختلافات القائمة إنهاء هذا الصراع مالم يتم وضع المعالجات الحقيقية وإقناع الجميع بأن الاختلاف رحمة وليس نقمة.. ما حدث مساء الخميس الماضي في بعض أحياء تعز من مناوشات ما بين أنصار الله والسلفيين يؤكد أن المشكلة الرئيسية ستبقى قائمة وأن الصراع المذهبي يزداد اتساعاً ولن يقف عند حدود الخلاف الفكري وتباين الآراء، بل سيتعدى ذلك إلى المواجهات المسلحة.. الاختلاف من سنن الحياة وقد اختلف الأئمة الأربعة، ولكن لم يصل الاختلاف فيما بينهم إلى درجة التسفيه والتكفير ورفض الآخر، كون اختلافهم كان اختلافاً فقهياً ولم يمس جوهر العقيدة..، وبما يواكب متطلبات الواقع.. وأنا هنا عندما أتحدث عن الاختلاف أكان مذهبياً دينياً أو سياسياً فكرياً فأنا أقصد أن يبقى هذا الاختلاف في إطار التباين في الرؤى والتوجهات ولا يصل إلى حد المواجهات المسلحة وسفك الدماء بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد.. ينبغي علينا أن نتوقف أمام الدروس والعبر التي خلفها لنا التاريخ ونتمعن في وقائعها لنستشف منها حقيقة أن الاختلاف لا يفسد للود قضية.. الاختلاف رحمة كما قال نبينا المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.. حين يكون مبنياً على أسس وقيم وأخلاق ويكون الهدف من الاختلاف هو الوصول إلى الحقيقة مهما تعددت الطرق.. كما أن عدم الوصول إلى الحقيقة أو عدم الاتفاق على ما هو مختلف عليه لا يعني لأي طرف أن يدعي بأنه صاحب الحقيقة المطلقة وبالتالي يذهب صوب تسفيه الآخر المختلف معه حد التطرف والإفراط في العداوة.. للاختلاف آدابه التي يجب الالتزام بها.. ومن هذه الآداب الاعتراف بحق الآخر للتعبير عن رأيه ومواجهة الحجة بالحجة أما أن تصل درجة الاختلاف إلى حد الفجور في الخصومة واتخاذه مبرراً لإقصاء الآخر المختلف وقتله فذلك ليس من الإسلام في شيء، كون الإسلام يحث على التحاور والتوافق والتعايش حتى مع اتباع الأديان الأخرى.. لقد تحول الاختلاف الفكري والمذهبي اليوم إلى مبرر لاستباحة الدماء والقطيعة بين المسلمين وإشعال نار الفتن..، ومالم يتم إقناع علماء الدين من الجانبين بالالتزام بآداب الاختلاف وتحريم الاقتتال تحت دعاوى مذهبية وطائفية فإن القادم سيكون أسوأ والمشكلة ستتعاظم أكثر وأكثر..فيا هؤلاء اختلافكم رحمة لنا فلا تجعلوه نقمة علينا. [email protected]