اختتام الحوار الوطني سينقل اليمن شعباً ودولة وقيادة إلى مرحلة جديدة تفرض على الجميع التعاون لتنفيذ مخرجاته، وهنا لن أخوض في مخرجاته، لكنني أجد نفسي أمام حقيقة ماثلة هي «نتائج مخرجاته» تستحق من الجميع التلاحم لتنفيذها كونها تمثّل قاسماً مشتركاً للاستقرار وحلول كل القضايا والرؤى التي قدمها ممثلي المكونات المشاركة فيه.. وهذا يعكس بأن الحوار كان ناجح وانتهى بحسب ما كان مخطط له، وإلى جانب ما كان يسعى إلى تحقيقه من أهداف متصلة بوضع حلول للمشكلات في اليمن لا يمكن أن ننكر أن له نجاحات ومنافع أمنية تحققت خلال فترة انعقاده، وفي مقدمتها تحديد أبرز أسباب العنف وأدوات ارتكاب الجريمة الإرهابية «كمنع حركة الدراجات النارية» باعتبارها تحولت إلى أداة موت ورعب لكل اليمنيين، وكان قرار منعها إيجابياً، حتى وإن كانت دوافعه تأمين جلسات انعقاد الحوار خصوصاً في أواخر العام المنصرم 2013م حتى اختتام الحوار .. إلا أن ذلك القرار وإن كان مؤقتاً إلا أنه كان أيضاً قراراً موفقاً وصائباً، مع التأكيد على ضرورة وضع حلول ومعالجات لأوضاع مالكيها والمشتغلين عليها، حتى لا ينتج عن استمرار القرار بالعاصمة دون معالجة آثاره الضارة التي تطال لقمة عيش البسطاء، وإن كانت الاستفادة من تطبيقه تدريجياً ثم يتم نقل التجربة إلى بقية المدن الرئيسية مع تقليص ومنع استيرادها وإدخال قطع الغيار لها إلى البلد. ومن الطبيعي أن تم اتباع سياسة المنع بتقليص حركتها تدريجياً لكن مع وضع سياسة تستوعب المعتمدين عليها كمصدر دخل للعيش، فإن ذلك سيكون له نتائجه وآثاره الإيجابية على المدى الطويل في خفض مستوى ارتكاب الجريمة في اليمن، وذلك بعد أن أكدت إحصائيات صادرة عن وزارة الداخلية بانخفاض جرائم الاغتيالات بعد منع الداخلية لحركة الدراجات النارية في العاصمة صنعاء أواخر ديسمبر العام الماضي 2013م، وها هي ذمار انتهجت نفس القرار مع مطلع العام الجديد، وهذا يبعث الأمل في القضاء على أبرز الأدوات والوسائل التي يعتمد عليها «تنظيم القاعدة»، ونتمنى أن يستمر سريان هذا القرار وأن لا ينتهي مفعوله بانتهاء جلسات الحوار، كما أن المنافع الأخرى المتمثلة بالتوصل إلى إبرام عدد من الاتفاقات القبلية بين القبائل في مناطق متعددة للتصدي لعناصر تنظيم القاعدة ومواجهة الإرهاب وعناصره بكل صوره كان الفضل في تحقيقها لله، ثم لجهود القبائل وما تطلبته الحاجة لتوفير الأجواء الآمنة للمتحاورين وعدم تعطيل الحوار، أو السماح لعناصر تنظيم «القاعدة» بالتوسع في عملياتها وتمددها في رداع بالقرب من العاصمة صنعاء، فتوجت تلك الجهود بتوقيع اتفاق قبلي بين قبائل منطقة رداع لمواجهة عناصر الإرهاب في 19 يناير 2014م. كما أبرمت اتفاقات قبلية في مناطق قبلية متعددة وأصبحت لها ثمارها في وقف الخطر الذي يستهدف به «تنظيم القاعدة» مناطقهم وقبائلهم لإثارة وتعميق الصراعات بين قبائلهم وتصدير الجريمة، وخلق مناخات مساعدة لبروز دوافع الجُرم والعنف، وتوفير عوامل متعددة لارتكابها، وإذكاء الصراعات بين القبائل والأطياف الدينية، وتعميقها لما يعكسه ذلك من نتائج تساعد التنظيم على التمدد والبقاء والاستمرار في ارتكاب جرائمه الإرهابية التي كادت أن تتسبب في التأثير على مخرجات الحوار وإفشاله، وانهياره لولاء تدارك خطورة الوضع من قبل الخيّرين من أعضائه، ومن خارجه تشكيلته بضرورة وقف مصدر الخطر، فأثمرت جهودهم إلى توقيع الاتفاق في منطقة رداع، كل ذلك بفضل الله ثم عزم الشيوخ والقبائل في تلك المناطق وبدافع الحفاظ على الحوار. نتمنى أن تستمر تلك الجهود وأن لا يؤدي انتهاء الحوار إلى إنهاء تلك الجهود الخّيرة، بل العمل على استمرارها ومواصلتها، ولقد مثل الحوار مظلة لالتئام كل المتصارعين والمختلفين، حيث إبرام اتفاق بين الحوثيين والسلفيين ووقف الاقتتال الدائر بينهم وخروج السلفين في 10 يناير 2014 م من دماج، ليضاف هذا النجاح إلى بقية النجاحات والنتائج واحتسابها في خانة النتائج الإيجابية التي تحققت في ظل الحوار، لهذا ينبغي علينا الحفاظ على هذه النجاحات والنتائج والعمل على استمرار أية جهود مماثلة في مناطق أخرى لمنع حركة الدراجات النارية، وإبرام اتفاقات قبلية لنبذ العنف، والتعاون مع الدولة وأجهزتها للتصدي للعناصر المتطرفة وأية ظواهر وأعمال مخلّة بالأمن وعدم التوقف عند نزع الأدوات الخطرة التي يُراهن عليها التنظيم لتصدير العنف والجريمة وتعميق الاختلافات والصراعات القبلية والدينية والسياسية، واستهدافه لمصالح الشعب اليمني وعلاقاته مع الدول الإسلامية والغربية. [email protected]