خيار التنوُّع في الوحدة هو خيار العقل والمنطق، بل خيار التاريخ والجغرافيا والحكمة.. وقد أحسن مؤتمر الحوار الوطني باليمن صنعاً عندما قرر تحديد شكل الدولة اليمنية الجديدة، بوصفها دولة اتحادية لا مركزية.. مُتعددة الأقاليم .. يتشارك فيها جميع المواطنين.. في الحق والواجب المحمولين على جناح القانون، وتصبح المباراة الاقتصادية التنموية في هذه الدولة مباراة حرة تفيض بتعدد الاجتهادات، وتنوع الأنساق التنموية، والتشارك الواسع في صنع قرارات المستقبل. الدستور الجديد سيتضمن هذه الأبعاد، والمكونات الإقليمية القادمة ستكون دالة الطريق، بل تعبيرها الأقصى الذي لا يرقى أدنى شك في كونه الوعد الحق. شعبنا يستحق فرصة سانحة لتجربة نظام اتحادي لا مركزي يتذوق الناس من خلاله طعم المشاركة والنمو والمحبة.. اليمانيون يستحقون نظاماً يفتح الباب للأفضليات التنموية، ويؤمن لكل فرد حق الغذاء والدواء والكساء والتعليم والسكن، ويطلق العنان لتنمية أُفقية تشمل عموم أقاليم البلاد، وليس ذلك مستبعداً ولا مستحيلاً، قياساً بالخيرات الواعدة، واستناداً إلى تجربة الأيام والأشهر الأكثر صعوبة. من المُلفت حقاً أنه ورغماً عن محنة السنتين الماضيتين، ظلَّت العملة الوطنية اليمنية ثابتة، ولم تشهد البلاد تضخماً كان متوقعاً بحسب خبراء الاقتصاد والمال، وفاضت بعض المؤسسات المالية والاستثمارية والتجارية ذات العلاقة بالاقتصاد الجزئي.. فاضت بنجاحات مرصودة، بالرغم من تراجع الاقتصاد الكُلِّي، وخاصة في البُعدين الخدماتي والريعي، فالمعروف أن الاعتداءات الهمجية على خطوط نقل النفط والغاز كان لها أثر سلبي على الميزانية العامة للدولة. كما كان للاعتداءات الخسيسة على أبراج نقل الكهرباء آثار سلبية على المواطنين والخدمات أيضاً . وإذا أضفنا إلى كل ذلك سياق الاغتيالات التي باشرها صُنَّاع الموت، المُتخفون وراء الغرف المظلمة، سنعرف مدى التضحيات الجسام التي قدمها المواطن اليمني، وكيف أنه مازال ينتظر الفرج من الحكماء القابضين على جمرة الاستحقاق الباهظ الثقيل. [email protected]