قدّمت حكومة أردوغان التركية نموذجاً للحسابات الخاطئة في المجال السياسي, علماً وممارسة, وخاصة في مجال السياسة الخارجية ومواقف الدول من القضايا والأحداث في الدول الأخرى, من خلال مواقف تركيا تجاه الأقطار العربية التي شهدت أحداث ما سُمي «الربيع العربي» تتبدى أخطاء الحسابات الأردوغانية في مشهدين هما: الأول: في الانسياق الأيديولوجي للحزب الحاكم في تركيا وراء الحسابات الخاصة للحزب في علاقاته الخارجية, حيث تحوّلت علاقات تركيا بالأقطار العربية من الدول إلى الأحزاب كما حدث في مصر, حيث تماهت علاقة حزب أردوغان بجماعة الإخوان بصورة ألغت معها العلاقة بين تركيا ومصر كدولتين. الثاني: في المقارنة الخاطئة للدور الخارجي عامة والتدخل العسكري خاصة, حيث قارن أردوغان الحالة الليبية بالحالة في سوريا, وانساق وحزبه وراء أوهام تكرار النجاح العسكري في ليبيا بسوريا, وهنا رهن الدولة التركية لحسابات خاطئة ليواجه في سوريا وضعاً ارتدّ على تركيا نفسها بأخطار كبيرة وكثيرة, منها ما سيأتي مستقبلاً بوقائع لا تتحمل عقباها. وأياً كانت مبرّرات الدور الذي أدّاه أردوغان باسم تركيا تجاه أقطار ما يسمى «الربيع العربي» فإن الخطأ القاتل في كل حساباته لهذا الدور يكمن في دمجه بين حزبه الحاكم والدولة التركية, فحوّل الدولة التركية إلى حزب العدالة والتنمية, ومضى بهذا الدور إلى نهايات مسدودة على الواقع الذي يفصل بقوة بين حزب ودولة, وبين أيديولوجيا ومصالح. كان بإمكان أردوغان؛ بل بمقدوره أيضاً بناء حساباته لتحديد السياسة الخارجية والعلاقات التركية على أساس الفصل بين الحزب والدولة, لتبنى مواقف الدولة وسيادتها على المصالح وقواعد العلاقات الدولية؛ وليقيم الحزب علاقاته التحالفية مع جماعة الإخوان وأي أحزاب أخرى, فيحفظ للدولة موقعها ومكانتها ويبقي لحزبه هامش المناورة والتحالفات. مثل أردوغان, قدّمت جماعة الإخوان نموذجاً آخر للحسابات الخاطئة في المجال السياسي يتماثل والنموذج الأردوغاني من حيث اختزاله الدولة في الجماعة, كما ظهر في الحالة المصرية حين تصوّرت الجماعة أنها الدولة التي تسلّمت إدارة سلطتها عبر الانتخابات، فذهبت على سبيل المثال في سياستها الخارجية إلى تمثيل الدولة في الجماعة كما تجلّى ذلك في العلاقة بين الجماعة وكل من قطروتركيا. وقس على هذين النموذجين علاقات حركة حماس. [email protected]