حيَّرتني الأقلمة، أتساءل: كيف تكون “وصابين” و“عتمة” اللتان تتبعان إدارياً محافظة “ذمار” ضمن إقليم “آزال” وهما الأقرب إلى التهائم من الناحية الديمغرافية؛ فيما تكون “شبام كوكبان” التابعة للمحويت مثلاً ضمن إقليم “تهامة” وهي الأقرب إلى صنعاء وعمران ديمغرافياً، ومثلها مديريات “بكيل المير” و“كشر” و“الجميمة” و“قارة” في محافظة “حجة”..؟!. إذا سألت أي مواطن في “عتمة”: من أين أنت..؟!؛ سيرد: أنا ريمي؛ لكنَّ ريمة بعد التقسيم الأخير في إقليم “تهامة” و“عتمة” في إقليم “آزال” وكيف “مكيراس” في “سبأ” فيما “لودر” في إقليم عدن..؟!. وكيف تكون “رداع” التابعة لمحافظة “البيضاء” ضمن إقليم “سبأ” فيما “ذمار” في إقليم “آزال” أين رداع من ذمار..؟!. ربما هما أمر واحد من نواحٍ كثيرة سوى أن رداع في محافظة وذمار محافظة أخرى. وكيف تكون أجزاء من “المقاطرة” و“القبيطة” في إقليم عدن، وأجزاء منها في إقليم “الجند” وماذا عن اعتراض أهالي “المهرة” و“سقطرى” الإندماج في الهوية الحضرمية ضمن إقليم حضرموت..؟!. هذه لمحات سريعة من غير مختص فيما يتعلّق بعثرات الأقلمة الجديدة، وإن كانت لجنة تحديد الأقاليم قد وضعت في مهمة محدّدة وهي تقسيم المحافظات الجنوبية إلى إقليمين والشمالية إلى أربعة، إلا أن مهمتها لم تحدّد كي تضم إلى كل إقليم محافظات كما هي كاملة، دون النظر في إمكانية إعادة التقسيم الإداري للمحافظات، فمثلاً كان بإمكانها أن تضم محافظة ذمار إلى إقليم “آزال” وتستثني منها عدداً من المديريات التي تؤول إلى “تهامة” ومثلها محافظات المحويت والبيضاء وتعز ولحج والضالع. تصوّروا لو أن النظام السابق لم يتخذ قراراً بإنشاء محافظة جديدة عام 2004م، وهي محافظة «ريمة» وأن لجنة تحديد الأقاليم كما فعلت الآن ضمّت محافظات كما هي إلى أقاليم، فريمة لولا قرار إنشائها عام 2004م لكانت الآن في “آزال” وليس في “تهامة” وهذا يعني أن قرار إنشائها كمحافظة هو وحده من وضعها في مكانها الصحيح فيدرالياً وليست لجنة تحديد الأقاليم..!!. إن عمل لجنة تحديد الأقاليم كان غير موفّق تماماً، وبعكس ما أعلنت، فواضح أنها لم تستعن بما يكفي من خبراء وبدراسات وأبحاث ذات صلة بمهمتها؛ لنضرب مثلاً على ذلك؛ رغم أن من مهام اللجنة تقسيم المحافظات الجنوبية إلى إقليمين والشمالية إلى أربعة، فاللجنة بضمّها محافظات كما هي في التقسيم الإداري الحالي وتوزيع هذه المحافظات على الأقاليم، لم تلتزم بمعيار الجهات «جنوباً وشمالاً» فمديريتا المقاطرة والقبيطة الشماليتان، هما الآن جزء من إقليم عدن الجنوبي، وكذا الحال مع مديريات قعطبة، دمت، جبن، الحشا، وهي مديريات شمالية، أصبحت جزءاً من إنشاء محافظة الضالع التي لم تكن موجودة قبل الوحدة، وهذه المديريات رغم أنها شمالية، إلا أنها في إقليم عدن الجنوبي كونها في محافظة الضالع حسب التقسيم الإداري الحالي..!!. إن عمل لجنة تحديد الأقاليم لم يكن موفّقاً، فقد قسَّم 21 على 6؛ كل ما عملته اللجنة هو أنها أخذت ال 21 محافظة كما هي، وقسّمهتا على 6، هذا ما حدث وحسب، ولم يكونوا بذلك يحتاجون سوى جلسة نصف ساعة ليقوموا بهذا العمل الذي يمكن لطالب في المرحلة الثانوية القيام به منفرداً، في حال اعتمد المعايير التي اعتمدتها اللجنة. مشاكل الفدرلة بوضعها الحالي ربما تُثار لاحقاً بشكل أكثر وضوحاً وتعقيداً على الواقع العملي، فإضافة إلى المشاكل السياسية المطالبة بالتقسيم إلى إقليمين بدل ستة؛ ستظهر مشاكل الموارد والكثافة السكانية، وقضية تداخل الجنوب والشمال في التقسيم الجديد، إضافة إلى قضية الهويات البائنة الآن مثل الهوية الحضرمية والتهامية والسبئية على سبيل المثال، إذ أن المنتمين إلى هذه الهويات جزء منهم أصبح جزءاً من هويات أخرى. twitter@ezzatmustafa