تدرك بعض القوى السياسية أنها تمضي نحو المجهول ولا تريد أن يعرف من يسير في فلكها من البسطاء من الناس الذين غلّفت لهم الحياة بغلاف وردي لكي يتحقق لهم من خلالها ما يريدون من الطموح لا تريد تلك القوى أن ينكشف خداعها وتغريرها بالبسطاء، ومن أجل ذلك تسير في طريق المجهول وهي تدرك أنه ضياع ومع ذلك تسير فيه لأنها ترى فيه أنه أسرع الطُرق الذي يحقق لها المكاسب الخيالية الخاصة بعناصر معينة من تلك القوى، وتعتقد أن الذين غرّرت بهم سيظلون على عماهم يصفّقون دون أن يدروا بأنهم مجرد وسيلة لتحقيق غاية خاصة بعناصر تلك القوى الانتهازية التي لا تؤمن بالوطن ولا تعترف بالمصالح العُليا للبلاد والعباد. إن الأحداث اليومية تقدّم بياناً عملياً تفضح فيه النوايا العدوانية التي تبيتها تلك القوى لمستقبل البلاد، ومحاولات الاستئثار بمقدرات الوطن واحتكارها في إطار تلك المجموعة الانتهازية، وتسعى للتأصيل لذلك الفعل المنكر من خلال الإصرار على مشاريع تمكّن العناصر المتسلطة تاريخياً من العودة بالبلاد إلى عهد التسلّط والاستبعاد الفردي السلالي والطائفي، والسلاطين الذي ثار عليه الشعب عام 62 - 1963م. إن الممارسات الظاهرة على المشهد السياسي تقدّم برهاناً قاطعاً على محاولات تلك القوى بالانقلاب على أهداف الثورة اليمنية، سبتمبر واكتوبر، والقضاء على معالمها، وعودة قوى التسلّط والاستعباد والإذلال، الأمر الذي يتطلّب يقظة وطنية شاملة من أجل منع التطاول على أهداف سبتمبر وأكتوبر والعمل الوطني الجاد من أجل الحفاظ على مبادئ الديمقراطية والحرية والذهاب نحو الاستحقاقات الديمقراطية من خلال صياغة الدستور والاستفاء عليه، ومن ثم إجراء الانتخابات النيابية والمحلية والرئاسية من أجل الحفاظ على حق الشعب في امتلاك السلطة وممارستها على أرض الواقع والكشف عن مشاريع التقسيم والتجزئة التي تعزّز قوى التسلّط والاستعباد التقليدية. إن المرحلة تحتاج إلى وعي وطني شامل بخطورة العودة إلى ما قبل الثورة اليمنية، سبتمبر واكتوبر 63-62 وينبغي العمل بروح المسئولية من أجل وحدة الدولة وقدرتها على امتلاك عناصر مقومات القوة القومية للجمهورية اليمنية والحفاظ على حق الشعب في امتلاك السلطة وحمايتها من أجل مستقبل مزدهر بإذن الله.