عندما يعزف «مهيب زوى» نشعر بالخلود، وبشكل غريزي نعتز بمواجعنا وهياماتنا، كما نتطهر ونتحرّر من الكآبات والفقدانات، لنكتشف فجأةً لذة غموض غربتنا المعتقة بكل ما نملك من كبرياء ومحبة وشغف وحميمية وعقلانية وجنون. عندما يعزف “مهيب زوى” يختفي البرد الشرس من ضلوعنا الفقيرة، ويصير ليل صنعاء المتوحّش روحانياً بلا توقف، ثم تتعزّز في دمنا قيمة الصداقات النقية من الوشايات والمكائد والنميمة والأيدولوجيا، ويخلق العود انطباعاً حقيقياً عميقاً بجدوى الإنسان والحياة. أقول ذلك لأن العاصمة موحشة ومجنونة، ومرة قلت لنادية الكوكباني إن ليل صنعاء مسلّح فظيع لأرواحنا، ثم إن الاحتفاء بالمباهج الصغيرة ينطوي على دعوة لمغايرة السائد المنضبط على تبرير استمرارية الاعتيادي السامج كنمط متحكم في حياتنا. والحاصل أنها أمراض المدن الكبيرة التي تبتهج بجوهرها الثقافي الواحد لا المتنوع، ولعل أكثر شيء نشتاق إليه كيمنيين هو أن نجد سبيلاً إلى المرح المديني. بالتأكيد يشعرنا بالوجع ليل عاصمة كصنعاء وهو دون دهشة تذكر، وعلينا أن نكون حالمين أقوياء من أجل أن تأخذ المدينة حقها من الفارق الابتهاجي. [email protected]