كلما مر الوقت اتضح حجم الفساد على صورة كارثة وطنية، تراكم عبر سنوات التوريث اللئيمة التي أكلت الضمير والمسؤولية الوطنية بصورة لم تحدث من قبل حتى في أسوأ الفترات انحطاطاً.. التربية والتعليم التي تعد مؤشراً لحضارة وقيم أي شعب يبدو فيها الفساد مدمراً ومثل الأمراض الفتاكة. استهدف الفساد العمود الفقري للدولة «الوظيفة العامة» وإفراغها من محتواها وتسميم حس المسؤولية، ليبدو الفساد شاملاً وشائعاً يتسابق إليه الموظفون والمتعلمون ورجال الحاضر والمستقبل .. المعلم رائد التغيير وحامي حمى الفضيلة والقيم يتحول إلى مخلوق يبحث بعد الفشل وتدمير دوره بيده، عندما يضيع العدل والمسؤولية والمعايير الثابتة.. وبلغ حداً يجعلنا نقيم المآتم على المستقبل إن لم يتم تدارك الوضع. أحد مدراء المدارس يتحدث بمرارة عن ضعفه أمام المدرس فهو لايجرؤ عن متابعته خوفاً من إغضابه ، لأن هذا المدرس أوذاك يهدده بالذهاب إلى التربية لاستخراج قرار موجه أو مستشار.. حكاية قرارات التوجيه بالتربية أصبحت صورة فساد وتخريب كبير، وأصبحت المدارس تعاني من عجز في المدرسين لأن المدرسين تسربوا من المدارس إلى وظيفة «الفرغة» التوجيه الذي يعد عقل التعليم ومهندس العملية التعليمية، أصبح علامة الفساد الأولى وعليك أن تتخيل حقيقة أن الموجهين في كل مديرية أكثر من المدارس وأضعاف مضاعفة وفي كل مادة على حدة.. الفساد في التوجيه قديم وزاد الأمر سوءاً عندما استخدم التوجيه أثناء الثورة وبعدها كوسيلة انتقام من العملية التعليمية والناس ..في تعز تحديداً الحالة مكثفة حتى أصبح مثل الثقب الأسود للمدرسين، إضافة لقرارات التوجيه العبثية هذه وبدون حاجة ..هناك الحديث عن مئات القرارات مزورة وعندما يصل التزوير إلى التعليم وإلى عموده الفقري فماذا تنتظر؟. عندما تفرغ المدارس من الكفاءات التعليمية والكوادر بقرارات بعيدة عن المعايير، تصيب أكثر من هدف فتصبح العملية التعليمية والمدارس والتوجيه وحتى أصحاب القرارات كلهم ضحايا، لها تداعياتها الخطرة وهو ما يجب تلافيه عبر خطة شاملة.. عندما يكون لديك هذا الكم من الهدر للطاقات تكون أمام ظاهرة حرب على التعليم تحتاج إلى أن تتكاتف السلطة والمجتمع لحلها والسير نحو تجفيف منابع هذا الفساد وعقاب المستهترين الذين لم يحفظوا الأمانة لمجرد أن بلادهم تعرضت لحالة من اللا استقرار وبدلاً من أن يحرسوا بلادهم بحبهم لوطنهم بضميرهم الوطني عبثوا بكل شيء. هناك أعمال لا يقدم عليها إنسان سوي في مكان المسؤولية يحمل ذرات من حس المسؤولية الوطنية والإنسانية، فما الذي جرى للناس حتى يخربوا بيوتهم بأيديهم على هذا النحو. [email protected]