هكذا تبدو الحياة السياسية في بيئة طاردة للرأي الوطني الذي يغلّب المصالح الوطنية العليا على ما دونها من المصالح الذاتية والأكثر من ذلك أن هذه البيئة خاضنة للزور والتزلّف والنفاق، والأعظم من ذلك أن القائمين على تنمية ورعاية هذه البيئة الموبوءة يدركون أنهم يعيشون في وسط بيئي عفن ومع ذلك الإدراك إلا أنهم لا يقبلون إلا بما هو أكثر عفانة، الأمر الذي يقودهم دائماً إلى الفشل ويفقدهم أدنى درجات القبول الشعبي وينزع عنهم الشرعية. إن القوى السياسية التي لا تؤمن بقدسية الوطن ولا تضع قدراً للمبادئ والقيم الدينية والوطنية والإنسانية لا يمكن أن تكون ممثّلة للإرادة الشعبية مطلقاً، لأن فعلها سبق قولها ونيتها سبقت القول والفعل وهنا يظهر بوضوح سوء النية التي تقود إلى سوء المنقلب الذي لا يحسد عليه ومن أجل ذلك نجدّد النصح للقوى السياسية التي جعلت الغاية تبرّر الوسيلة أن تكف عن هذا العبث وأن تنطلق من الشعب الذي يستخدم قوته من الإرادة الإلهية التي لا غالب لها على الإطلاق وأن تدرك أن الاستقواء بغير الله فشل ماحق، وأن إرضاء أعداء الدين والوطن والإنسانية فعل لا يحقق إلا السخط والكره والبُغض ولا يولّد إلا عدم الرضا ويقضي نهائياً على أدنى درجات القبول الشعبي. إن النية الصادقة والقول المسئول والفعل الأمين هو البداية العملية لإصلاح الاختلال أياً كان، كما أن احترام الآخر والأخذ بالصواب من رأيه من أقدس الواجبات السياسية، أما بلوغ القبول المعقول فلا يتحقق إلا بالشراكة الوطنية الحقيقية والإقلاع عن المكر والخداع وعدم الادعاء بالوصاية والكف عن هذيان الاستقواء بغير الله. إن الوضع الراهن في اليمن يحتاج إلى الصدق والاعتماد على الذات والخروج المطلق من الركون على الغير أو محاولة الاستقواء به ومن أراد كسب ثقة الشعب فإن عليه أن يعبّر عن آماله وطموحاته ويصون وحدته وسيادته ويحرص على سلامة مستقبل أجيال اليمن من أجل غدٍ أكثر تفوقاً وعطاءً بإذن الله.