عشية استعداد الرئيس اليمني السابق للاحتفال بما أسماه “يوم الوفاء” 27 فبراير؛ يوم تسليمه السلطة إلى سلفه الرئيس هادي قبل عامين؛ باغته قرار مجلس الأمن بحزمة من الوعيد والتهديد جعله في صبيحة اليوم التالي يلقي كلمة فيها من الحزن أكثر مما فيها من السياسة. يحق للرئيس هادي وحده الابتهال بالقرار الأممي 2140 ولا أحد غيره يستطيع استثمار القرار على النحو الذي يلبّي تطلُّعات وطموحات الشعب، فهذه نصوص دولية تضع في يد هادي قوة إضافية إلزامية تمكنه من تطويع المتمرّدين وعدم المنصاعين له. أما ابتهال قادة الأحزاب والسياسيين بالقرار؛ فقد انطلق من أنه يقيّد تحركات وتطلعات خصمهم اللدود «صالح» ويزيد من ثبات عملية التحوّل السياسي الذي يسعون إلى أن يكونوا أحد أهم عناوينه المستقبلية. لا أخلاق في السياسة، بل مصالح قابلة للتغيير، لنتذكر: كان حزب الإصلاح الإسلامي المعارض أهم وأبرز حليف سياسي للرئيس السابق خلال حرب صيف 1994 التي سعت من خلالها بعض القيادات الجنوبية إلى فك الارتباط، وعقب الحرب وانتصار الطرف الشمالي؛ دخل “الإصلاح” مع حزب صالح “المؤتمر” في ائتلاف ثنائي شكّل حكومة الرجل الصلب فرج بن غانم الذي لم يدم في رئاستها غير سنة واحدة واستقال وتولّى رئاستها السياسي عبدالعزيز عبدالغني، ولم يصل منتصف العام 97م حتى ركل المؤتمر حليفه «الإصلاح» إلى خارج قوائم الائتلاف، وخرج وزراء «الإصلاح» من الحكومة احتجاجاً على فسادها ليعود «الإصلاح» مرة أخرى إلى التحالف مع صالح في الانتخابات الرئاسية 1999، وبخطى واثقة سبق رئيس حزب الإصلاح إلى إعلان صالح مرشحاً رئاسياً لحزبه قبل أن يعلن المؤتمر مرشّحه؛ وبعدها بأقل من سنتين كان حزب صالح يلتهم مقاعد الانتخابات المحلية ويقصي الإصلاح ما أمكنه ذلك..!!. إذاً لا أخلاق في السياسة، بمعنى إذا لم يستقم الإصلاح وآل الأحمر واللواء علي محسن مع رغبات هادي السياسية؛ فإن سوط القرار الأممي الجديد سيكون قريباً من ظهورهم، فالقرار يتحدّث عن تشكيل لجنة أممية مهمتها العمل في اليمن خلال 13 شهراً فقط، وعليها الإسراع في الحضور والعمل وتنفيذ مهامها المحدّدة والتي تشمل “التحقيق وجمع المعلومات والأدلّة عن المعرقلين للعملية السياسية”. وبهذا المعنى ستكون اللجنة أشبه بقسم شرطة في اليمن، ومن شأنها إثارة فزع كل من توافقت رغبات هادي وسفراء الدول العشر على تسميته «معرقلاً». [email protected]