كلما ألفت أغلب الشعوب العربية فرصاً لإحداث تحوّلات إيجابية مواتية تجدها تخدم مصالحها كثيراً ما تقف الأصوليات السياسية وأدواتها في “القاعدة” عائقاً رئيسياً أمام طموحات الشعوب في الاستقرار السياسي والحياة الآمنة بصورة أو بأخرى. غير أن هناك ندرة من دول الطفرة والمال خدمتها عوامل بعينها لخلق ملامح من التحضُّر والرُقي في مجرد قناعة لديهم بوضع السلاح جانباً كعشائر وقبليات, حيث تحوّلت بعد ذلك تلك القناعة مع الأيام إلى فعل مدني يؤمن بنظافة الشارع والسلوكات, وإن على صعيد الأمكنة في ثقافة بلدان بعينها بصرف النظر عن طبيعة وشكل الحكم فيها. في السياق يمكننا القول إن أنجح ثورة عربية حتى الآن منذ عقود مضت هي ثورة “قابوس” في عُمان, فقد استطاعت فكرة “حاكم” كهذا تحرير جزء كبير من شعب عُمان الذي لجأ في ظرف وسياق زمني وتحت ضغط الحاجة إلى “العمل في دول الجوار” غير أن عوامل توافر الإرادة السياسية في حال توافرت أن تعمل على الارتقاء بمواطنيها من رتبة الاغتراب إلى مواطنين يشعرون بالكرامة في وطنهم عُمان وحتى لو بقوا فيها كموظفين في البلدية أو “عامل نظافة” لأن الأخير لو تعرفون أي عامل النظافة في اليابان يحوز على قدر كبير من الامتياز المادي والمعنوي واحترام المجتمع له في بلده. عمّال النظافة بشر، ومن الطبيعي أن يحوزوا على امتيازات الضمان الاجتماعي والصحي والغذائي وضمان الأمن والسلامة الاجتماعية والصحة والابتعاث والتعليم, وغير ذلك, وما نصوع ونظافة شوارع المدن العمانية كمرايا لامعة ونظيفة سوى انعكاس ودليل سلوك حضاري عام في تناغم الشعب والدولة هناك. ليست الحضارة والثقافة والرقي أموراً تُقاس بالقاذورات ونفايات الشوارع والقتل والعنف والاغتيالات اليومية وصناعة الأزمات والظلام والكهرباء والانحطاط السياسي والاجتماعي والإرهاب و«القاعدة» وطرق التفكير السياسية والأصوليات التي هي السبب في تدني مستوى الوعي واختطاف الدولة وتغييب أي مستوى مستقر للدولة في علاقتها بالمواطنين وغير ذلك كما هو الحال في اليمن. [email protected]