نعم, كأنما يراد القول إن المشكلة في اليمن هي الحل, إنه خيار يبدو واضحاً بل أكثر وضوحاً من المشكلة ذاتها, خيار مازالت تراوح أطراف صراع سياسي وديني بعينها نحو الإبقاء عليه لارتباط مصلحتها الضيّقة ورهاناتها مستمرة في تغييب أو تعطيل ما أمكنها من حدود المسافات التي تفصل أحلام الشعوب عن البناء والنهوض لأفكار ضحّى الناس من أجلها, من أجل الحياة والكرامة والحرية, غير أن قوى وطفيليات حليفة وتمتلك منظومات إعلام لا تعبّر عن أي معطى وطني بقدر ما تعبّر عن مصالح صراعاتها وإنتاجها لفتنة شراء الوقت, والرهان أيضاً على وضع ولاءات المواطنين في مزاد شرائها لثقتهم, بغاية تزييف المراحل وتمييع الثورات والقضايا الوطنية التي ضحّى الناس من أجلها طويلاً من أجل بناء الإنسان والدولة وليس من أجل تنمية المشكلة والإبقاء عليها بعد أن صارت إشكالية وأعقد في استشرائها من دلالة كونها مشكلة. غير ذلك يبقى الواقع اليمني نمطاً ثابتاً طالما بقيت الإشكالية حاضرة فيه وفي ثقافته اليومية التي بقي كثير منا أيضا كمواطنين يسهم بصورة أو بأخرى في إنتاج المشكلة وإن في زاوية نظرتنا إليها كلما استدعت لحظات لحلول, أو تجاوز لها كمأزق في المشكلة, بعيداً عن النظر بعمق لوضع حلول جدية. وفي سياق من ذلك كثيراً ما تأخذك مشاهد عدة أثناء تجوالك في ظواهر ومظاهر واقع يمني مؤلم إنسانياً ووطنياً؛ كأن ترى إلى صورة الطفل اليمني يقف في إحدى جولات وتقاطعات الشوارع وعلى أرصفتها وحوافها, حالة الطفل قذفت به إلى الشارع تحت ضغط الاحتياجات المعيشية والاقتصادية لأسرته مثلاً إلى جانب عوامل قصور أسرية تتعلّق بالتعليم والتربية, لا يجدر بالأسر تعطيل قدرات أطفالها بانشغالات لا تتناسب مع مراحلهم العمرية وبإقحامهم في الشارع بوهم «الشحطة» كنظرية يؤمن بها كثير من الناس في المجتمع. ثمة ما يناقض معيار الطبيعة البيولوجية للإنسان في تدرُّجه ونموه الطبيعي؛ غير أن الطفل في اليمن بخاصة لايزال ذهنه المتلقي مرتهناً لقسوة الآباء وواقعه السياسي والاجتماعي المجافي بصورة عامة لحقوق الإنسان نظراً لغياب العدالة الاجتماعية والدولة ومعايير المواطنة ولو المتدرج منها في عدالة توزيع النسب المفترضة في الحقوق والثروة وحصر الموارد قياساً بإجمالي عدد لسكان ووفقاً لقاعدة بيانات بأسس علمية تنطلق من استراتيجية وطنية مسحية لجوانب أساسية تمثل عمقاً وجودياً في علاقة الإنسان بالجغرافيا والموارد الحيوية للبلد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك