عيد الفطر المبارك مناسبة أخرى تتاح أمام القوى السياسية في ساحة الفعل الوطني لتراجع نفسها وتتأمل في المعاني والدلالات الإنسانية لمفهوم العيد الذي ينبغي فيه توحيد الصفوف وتنتهي الأحقاد وتذوب الفوارق بين الطبقات ويظهر فيه الإيثار ويتعاظم فيه السباق على التصافح والعناق وتمتد الأيادي لبعضها البعض من أجل صلة الأرحام وإنهاء القطيعة ومنع الأذية وتتداول فيه الهدية لتصفى النفوس وتغسل الادران وتلتقي القلوب الرحيمة والأفئدة الرقيقة لتبدأ مع إشراقة صباح العيد صفحة جديدة من الألق والرخاء والصفح الجميل، الأمر الذي ينبغي فيه على القوى السياسية أن تدركه وتطوي صفحة الخفاق لتفتح صفحة العناق. إن للعيد معاني ودلالات ربانية روحانية لا يدركها إلا الاتقياء الذين يلتزمون أوامر الله ويجتنبون نواهيه ويقفون عند حدوده ويعظمون شرائعه وتعاليمه. هم بدون شك الذين فازوا بالرحمة والمغفرة والعتق من النار في شهر رمضان المبارك، والمأمول أن كل القائمين على القوى السياسية في ساحتنا الوطنية قد جعلوا من شهر رمضان محطة روحانية استدركوا فيه المعاني الإيمانية وجعلوه يرحل وقد غسلت ذنوبهم وكفّت ألسنتهم عن الأذى وتراجعوا عن الاستمرار في عقوق الوطن ،وجاء العيد ليجعلوا منه محطة أخرى لإدراك مفهوم التصالح والتسامح وإنهاء التأزم ومنع الفتن والعودة إلى جادة الصواب لتكتمل فرحة الناس بالعيد. إن العيد آداب وقيم ومكارم أخلاق ينبغي أن تجسد على أرض الواقع ليكون المجتمع سعيداً تتحرك فيه وازع الخير والاستعداد للتضحية من أجل الوطن والإسهام في إعادة إعماره والصبر في سبيل انجاز المهام الوطنية الكبرى التي توصل الشعب إلى حقه في الاختيار الحر المباشر من خلال الانتخابات العامة. نعم هكذا ينبغي الفهم والإدارك لمحطات الخير التي تقود إلى الاتصال والتواصل وتقضي على الابتعاد والتباعد وتعزز روح التسامح وتفتح أبواب التصالح، لأن الناس اليوم يريدون أن ير القوى السياسية في تصالح حقيقي وتقارب عملي لكي يخففوا من معاناة الناس وآلامهم ويعززوا من صبرهم على جور الحياة، مرة أخرى نأمل أن تدرك القوى السياسية كل ذلك لتجعل من العيد عيدين .. وكل عام وأنتم والوطني اليمني الواحد والموحد والقادر والمقتدر بألف ألف خير بإذن الله.