لا يخفى على الجميع أن اليمن يمر بمرحلة تاريخية صعبة للغاية وبالأخص في الجانب الاقتصادي؛ فإما أن يلطف بها الخالق جل في علاه أو يزداد الأمر سوءاً في هدر المال العام وتكالب الأعداء على اليمن من كل حدب وصوب سواء أعداء الداخل أو الخارج، ومن أجل ذلك تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية من قبل الحكومة اليمنية كبداية لإصلاحات تحتمل معنيين؛ إما إنعاش الاقتصاد اليمني ويكون مردود رفع الدعم عن المشتقات النفطية أفضل على الوطن والمواطن وتهون بذلك كل الصّعاب ويزدهر الوطن، أو العودة بنا إلى مربّع الفساد والظلم، وهذا ما لا يرضاه إنسان، والمعنى الأول ربما هو الحل الاقتصادي المنقذ الذي يحلم به المواطنون، وفي هذه المرحلة الصعبة لا نريد أن ننكّىء الجرح أو نكرّر كلاماً لا داعي له بعد أن رأينا أناساً استغلوا هذه الإصلاحات وأقوات الناس لتحقيق أهداف سياسية بعيداً عن الثوابت الوطنية بقوة النفوذ أو السلاح، وإنما نحب أن ندق ناقوس التوعية ونقف مع أنفسنا وقفة جادة ونخاطبها بعين الحقيقة كي نستشعر بعض المفاهيم التوعوية ونطالب بها حكومتنا ونأخذها بمحمل الجد؛ لأن الوقت غير الوقت والزمن غير الزمن، وهذه سنة الحياة. إن هذه المفاهيم التوعوية كثيرة ولا يتسع المقام لذكرها وأولها: الحرص على إنقاذ الوطن لا يأتي بالأقوال بل يجب أن يتحول إلى أفعال، وهذا الحرص يقودنا إلى الجدية في الإصلاحات الاقتصادية؛ فإذا لم تكن الدولة جادة في هذه الإصلاحات وإذا لم يلمس المواطن اليمني شيئاً منها على أرض الواقع فلا شك أن الأقوال غلبت على الأفعال وأصبح المواطن هو الضحية. وثانيها: هناك مصادر لهدر المال العام الذي يرفد الخزينة العامة للدولة وأهمها: الجمارك والإعفاءات والديون لدى النافذين من فواتير الماء والكهرباء والوظائف الوهمية وتفجير الأنابيب وأبراج الكهرباء والمشاريع العبثية وبقاء الفاسدين وعقود الغاز المجحفة وخدمات الشركات النفطية، فلماذا لا تنتبه الحكومة لمثل تلك المصادر؟ ولماذا لا يتم اللجوء إليها ومحاسبة الفاسدين ونشر أسمائهم للمجتمع اليمني دون خوف أو وجل؟، الأمر الذي سينعش الاقتصاد اليمني. وثالثها على المجتمع أن يراقب أين ستذهب الأموال التي كانت تدعم الوقود ويطالب بتوظيفها في الإنعاش الاقتصادي، وعلى الحكومة أن تستشعر المسؤولية الأخلاقية في المطالبة بمحاكمة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة ومحاربة الفساد ومحاسبة المتاجرين بأقوات الشعب وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين. ورابعها: الاصطفاف الوطني وتقديم مصلحة اليمن فوق كل المصالح الخاصة والعمل بروح المسؤولية لإنقاذها مما يُراد لها بطرق سلمية بعيداً عن قوة السلاح وإشعال الفتن ما ظهر منها وما بطن. من أجل ذلك إذا استشعرنا تلك المفاهيم وطالبنا بها وأحببنا الوطن بحق وحقيقة فلا شك أننا سندافع عن حياضه بكل ما أوتينا من قوة، ومن أجل الوطن تهون كل الصّعاب، ومن أجل الوطن سيظهر أناس شرفاء مخلصون يضحّون من أجله ولا يبيعونه بثمن بخس من أجل مصالح ذاتية أو أهداف سياسية، وما أجمل قول الشاعر: ولي وطن آليت ألا أبيعه وألّا أرى غيري له الدهر مالكا. [email protected]